أوضح رئيس مركز التنمية الأسرية في الأحساء الدكتور خالد الحليبي أن نسب الطلاق والفسخ والخلع في المملكة لا يمكن أن تعكس حجم المشكلة الاجتماعية التي تشهدها الساحة الأسرية، مقللا في الوقت نفسه من محاولة تقليل حجم تلك المشكلات إذا ما قورنت مع مجتمعات أخرى بحسب توقعات البعض. واعتبر الحليبي التدخلات السالبة من أهل الزوجين أحد أخطر الأسباب في تفشي حالات الطلاق. ما أبرز المعايير التي يجب أن يبحث عنها المقبلون على الزواج والتي تضمن لهم حياة هانئة مستقبلا؟ - أكثر حالات الفشل في الزواج تحدث بسبب عدم الاختيار الصحيح لشريك الحياة، فليس كل فتاة تصلح لكل شاب والعكس بالطبع، ومن أجل النجاح في الاختيار لابد من الاهتمام بعدة أمور أهمها الدين، فالتدين له أثر كبير في الاستقرار النفسي، وحفظ الحقوق، وعدم الظلم، والامتناع عن الخيانة الزوجية؛ التي تمثل اليوم إحدى أخطر المشكلات في الكيان الزوجي، بالإضافة إلى الخلق الحسن، فالحياة الزوجية ليست رحلة قصيرة ممتعة، بل هي حياة كاملة، فيها الغنى والحاجة، والصحة والمرض، والرضا والغضب، فإذا لم يمتلك أحد الزوجين الخلق الذي يأسر به صاحبه، ويصبر به على سرائه وضرائه، فلن يستطيعا العيش بأمان وراحة والقدرة على القيام بالواجبات الزوجية، كما أن الكفاءة في الجانب الاجتماعي مطلب كبير في هذا الشأن والتوافق في السمت العام والرضا بالمستوى الجمالي. تدخلات خارجية يعيش بعض الناس وسط أمواج من المشكلات الأسرية العارمة بالرغم من غلبة الجانب الديني عليهم.. فما هو برأيك السبب؟ - من أبرز أسباب المشكلات الزوجية هو البعد عن التمثل بالأحكام الشرعية، صحيح أن المجتمع متدين على العموم، فالرجل يعامل المرأة كما يريد أن تعامله، والمرأة تعامله كما تريد أن يعاملها، مع أن الأمر مختلف تماما فلكل من الجنسين احتياجاته الخاصة به التي قد لا يحتاجها الآخر بالقدر نفسه أو في هذه المرحلة العمرية. ومن أسباب المشكلات التدخل السلبي من أهل الزوجين، وبخاصة أم الزوجة، فبدافع الحرص على الولد أو البنت يتم هدم عشهما، ومن الأسباب كذلك انحراف أحد الزوجين، وخاصة الزوج، بمخدرات، أو عنف، أو علاقات غير سوية. أرقام مخيفة كيف ترون نسب الطلاق والمشكلات الأسرية بين فئات المجتمع السعودي؟ وكم وصلت نسبته في الوقت الحالي؟ - الحقيقة مهما حاول بعض المعنيين أن يقلل من خطورة الأرقام التي وصلت إليها كارثة الطلاق عن طريق الموازنات بمجتمعات أخرى، فإني أجدها كثيرة، وكثيرة جدا، فقد كشفت وزارة العدل أن عدد صكوك الطلاق والخلع والفسخ في عام 1433ه بلغ 34.490 صكا، بمعدل 96 صكا يوميا من أصل 160.371 عقد نكاح. أي أن النسبة بلغت 21.5 في المائة تقريبا. أي خمس حالات الزواج تؤول إلى طلاق، والطلاق لا يتوقف على الفراق بين اثنين لم يتوافقا، بل قد يصبح شقاقا بين أسرتين، أو ضياعا للأولاد، ومن يزر دور الأحداث سيجد أن أكثر من 60 في المائة منهم من بيوت افترق فيها الزوجان. التدريب قبل الزواج لازلنا متأخرين في الجانب التثقيفي للمقبلين على الزواج، الأمر الذي انعكس على اتساع الفجوة بين الزوجين.. هل هناك مبادرات لاحتواء هذه المشكلات؟ - صدر قرار من مجلس الوزراء يحض على القيام بهذه البرامج التثقيفية دون إلزام، وأعلم أن وزارة الشؤون الاجتماعية مشكورة تقوم الآن ببناء حقيبة تدريبية موحدة، بعد أن كان لكل جهة أسرية في المملكة حقيبتها، بعدها يمكن تدريب عدد كبير المدربين والمدربات في جميع أنحاء المملكة على هذه الحقيبة بعد تحكيمها، وربما هذا يمهد لإلزامية التدريب قبل الزواج، الذي أتوقع أن يكون له دور كبير في انحسار الطلاق، فالدراسات التي قامت بها بعض الجهات الأسرية تؤكد ذلك، وتجربة ماليزيا الشهيرة كافية للإقدام على هذا القرار فقد انخفض الطلاق من 32 في المائة إلى 7 في المائة فقط خلال ثلاث سنوات فقط. أسرار عش الزوجية صدرت توجيهات بتشكيل لجان وجمعيات تخضع للشؤون الاجتماعية لتنفيذ برامج تثقيفية للمقبلين على الزواج.. كيف ترى أن مثل هذه البرامج ستحد من المشكلات بعد الزواج؟ - لا شك أنها من القرارات الرائدة والرائعة، وبعدها تسابقت الجهات الخيرية للقيام بواجبها تجاه مجتمعها المبارك، وطلب تأسيس مراكز أسرية شاملة الخدمات. من أكبر المشكلات الأسرية بين الزوجين إشراك بعض الزوجات آباءهن في حل مشاكلهن.. ما توجيهاتكم في هذا الجانب؟ - أقول لكل زوجين، احرصا على أن تبقى للأسرة أسرارها، وأن تتمرسا على الحوار الفعال الناجح، وفنون معالجة المشكلات الأسرية، حتى تستطيعا أن تتجاوزا ما قد يحدث من خلاف لا بد منه في بداية الحياة الزوجية، وخاصة في السنة الأولى من الزواج. ولا تدخلا الوالدين أو غيرهما في حياتكما إلا إذا احتجتما إلى ذلك في الضرورة القصوى. كما أرجو من الوالدين الكريمين أن يكفا عن التدخل في حياة الزوجين إلا بالتي هي أحسن، بالمساندة اللطيفة، والتدريب على مواجهة الصعوبات، والصبر على الصدمات الأولى، حتى يكون لدى الزوجين الجديدين القدرة الكافية على الاستقلال التام. نقل التجربة المراكز الأسرية في المملكة قليلة مع عظم الأدوار التي تقوم بها من استشارات وغيرها.. هل سعيتم لتعميم مركز الاستشارات الأسرية على جميع مناطق المملكة بما يضمن الارتقاء بالخدمات المقدمة التي تواكب المرحلة الحالية؟ - وفق الله مركز التنمية الأسرية لنقل تجربته لمعظم محافظات المنطقة الشرقية وفي مناطق أخرى، بعد أن قام بتوثيق هذه التجربة في «دليل مركز التنمية الأسرية»، والمتوقع أن تتفضل وزارة الشؤون الاجتماعية بتعميم التجربة في كل المناطق والمحافظات. مبادرات وبرامج هناك مبادرات تقدمتم بها لوزارة الشؤون الاجتماعية حول اعتماد بعض البرامج الأسرية التي تساعد رفع مستوى الوعي لدى الأسر في التعامل بين الأزواج والحد من المشكلات.. هل لك أن تكشف عن هذه البرامج وهل تمت الموافقة عليها؟ - نفذ مركز التنمية الأسرية مع وزارة الشؤون الاجتماعية عددا من البرامج المهمة، ومن أبرزها إقامة دبلوم الإرشاد الأسري في 10 مدن في المملكة، وهو دبلوم جامعي معتمد لدى وزارة الخدمة المدنية لبعض الجامعات في المملكة، ويجري الآن تكراره بالتعاون مع بعض الجامعات في المملكة. كما نتوقع كثيرا من البرامج المهمة على مستوى المملكة في الأيام القليلة المقبلة. الإفراط في الأمانة ما توجيهاتكم للأسر التي تعتمد اعتمادا كليا على الخادمات في تربية الأولاد وما ينتج عن ذلك من اختلاف في موازين التربية والتعلم وما يصاحبه من مشكلات مع الخدم سيما وقد زادت نسب مشكلات الخدم في الوقت الحالي؟ - من يتابع ما يجري من عنف وإساءة للأطفال من الخادمات ويستمر في تفويض الخادمة في التربية فهو مفرط في الأمانة، وهناك عواقب قد لا تكون ظاهرة لكثير من الناس، مثل الانحرافات أو التخريب اللغوي المبكر حين تكون غير عربية، أو الأخلاقيات السيئة، وآفات إحالة التربية للخادمات أكثر من أن تحصر هنا، والدراسات تؤكد ما ذكرته بالأرقام.