يكاد الجميع في شارع الحمراء في بيروت يعرفون يوسف الخضر بائع الورد الذي يحمل الزهور في يد، وفي اليد الأخرى يحمل دفترا وقلما أثمرا ديوانا صغيرا، هو باكورة نتاجه «وطن أنا للراحلين نحو اليأس». «أبحث لي عن أصدقاء ولا أحد يصحبني الحزن أحيانا وأحيانا لا أحد أمشي في الشارع يائسا كأنني الموت لا يريدني أحد». إنها القصيدة الثانية في ديوان ابن السبعة عشر عاما الذي أتى مع عائلته إلى لبنان بسبب الحرب قادما من الحسكة. «عكاظ» التقت يوسف في مقهى في شارع الحمراء الذي لم يفارقه منذ قدومه إلى بيروت. يشرد الصبي النحيل لدى سؤاله عن طموحه، ويقول: «توقفت عن الدراسة منذ سنوات، ولم تسمح لي الظروف باستكمال دراستي والدخول كأترابي إلى معهد أو مدرسة، ولكن لو سمحت لي الحياة وأعطتني الحق في اختيار مسار حياتي، فقررت الكتابة حتى الموت»، ويضيف: «بدأت نظم الشعر منذ كنت في الرابعة عشرة من عمري، وبالرغم من أنني لست متعلما إلا أنني ثابرت على القراءة ومطالعة تجربة الشعراء الكبار، حيث تأثرت بأدونيس ومحمود درويش». ويعتبر الخضر أن المعاناة صنعت منه رجلا، وأنه إنسان محظوظ لأن كثيرين قد تحطمهم آلامهم وتنهيهم، فيما استطاعت معاناته أن تدفعه نحو الإبداع والشعر، ويقول: «أنا مثابر على تطوير نفسي مهما كانت ظروفي صعبة، وحتى إن لم أتخرج وأحصل على شهادة»، موضحا أنه تسجل في سوريا، وسيدرس برنامج الثلاث سنوات الدراسية التي فاتته في سنة واحدة، حتى لا يضيع مزيدا من الوقت. وتشابه تجربة الخضر الذي احتفل بتوقيع كتابه المؤلف من 33 صفحة في 8 مايو الفائت، إلى حد كبير، مع تجربة الشاعر محمد الماغوط في بيروت، فكلاهما أتى إلى المدينة وشرد فيها ونظم الشعر.