القيمة والتقييم ليست كلمة تعني أن أعرف بها قيمتك عندي وقيمتي عندك، فالإنسان لا يقاس بمقياس الماديات.. لكن الغرض من القيمة هو مصطلح يطلق من مفهوم مقياس معيشتنا وحياتنا التي نحياها. الحياة من صنع الخالق الذي خلق كل شيء وأبدعه وهو «ليس كمثله شيء» فلا بد لنا أن نعرف أولا هل نعي قيمة حياتنا أم أننا نعيشها فقط؟. إن كل ما نفعله بالأيام هو حساب مرورها وفقدانها، كل أمور حياتنا أصبحت تقاس بالميعاد والزمن دون النظر إلى قيمة الزمن نفسه أو الإنجازات التي نحققها. على مدار تلك الأيام، فإن كل ما نصنعه في حياتنا الدنيا محسوب على آخرتنا. إذن لا بد لنا أن نعرف قيمة الآخرة. فإن علمنا قيمتها سعينا في الحياة لتقييم أفعالنا وتقييم أدوارنا في تلك الحياة فإن استطعنا أن نقوم بعملية التقييم فلا بد لنا أن نوقن أن عقولنا ذات طابع سليم، فكثير من مواقع القرآن الكريم ذكرت في آياته دعوات التفكر والتأمل والتدبر وكلها لقوم يعقلون إذن عملية التقييم لا تكون إلا لذوي العقول السليمة التي لم يصبها أمراض الحياة المادية والنفسية والعاطفية بل أصحاب العقول هم من ترفعوا عن طلب الدنيا أو عملوا لها ناظرين إلى حصاد أيديهم في الآخرة. إن إستطاع الإنسان أن يحقق ذلك فهذا المرجو منه في عمارة الأرض وأن يكون الخليفة لنفسه وأهله وقدرة وقيمة يحتذى بها لكل ذي عقل قويم، ولذلك يجب على الإنسان أن يغير من أيدولوجيته وتفكيره ويعدل من استراتيجياته وطريقتها ليستخدم كل ما هو حديث وجديد ليحقق كل ما هو مستحيل ومفيد. و لذلك فإن في الحياة منذ أن خلق الله الأرض تجد قوى الشر موجودة مادام الخير موجودا، ليتذكر دوما الإنسان أنه لن يتغلب على قوى الشر في الدنيا إلا إذا تغلب على قوى الشر في نفسه أولا بعد أن يقيم قيمتها ووجودها، ولينظر لحكمة الله الخالق الذي بث في جسده عقلا يقيم به أمور حياته وكل المدخلات التي تدخل فيها في مراحلها المختلفة والمتطورة. وفي نهاية الحديث، أحب أن أضيف أن مجتمعا بلا قيم يعتبر مجتمعا خاليا من التقييم، فينشأ منه أناس دون عقول. فلابد من تأسيس علم يدرس ويتأصل في نفوس كل البشر ويصبح مادة أساسية تدرس في المدارس والجامعات لينمو ويرتقي مع نمو الإنسان. حسن المصري