بالرغم من روحانية شهر رمضان الذي يفضله المسلمون على بقية الشهور واستغلال جميع أوقاته بالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالصوم والصلاة وقراءة القرآن والدعاء، إلا أن هذا الشهر الفضيل لا يغير كثيرا من البرنامج اليومي للكثير من الجاليات غير المسلمة التي تمارس حياتها الطبيعية بشكل طبيعي دون مضايقة من أحد وفي جوء يسوده الهدوء. ففي محافظة الخبر بالمنطقة الشرقية تمارس الجاليات غير المسلمة خلال شهر رمضان المبارك، وقبل شروق شمس يوم جديد ينشط فيه بعض الوافدين في ممارسة شتى الهوايات الرياضية ومنها كرة السلة والمشي مستغلين فترة الهدوء التي تلي مباشرة صلاة الفجر وخلود الكثير من الصائمين للنوم. تعد الجالية الفلبينية من الجاليات التي تتواجد في كافة مناطق المملكة وبأعداد كبيرة نظرا لما يتمتع به العامل الفلبيني من إخلاص وتفان في عمله فضلا عن التزامه بالقوانين والأنظمة التي تكفل له الحياة الكريمة على تراب هذا الوطن. «عكاظ» قامت بجولة صباحية على أماكن تواجد الجالية الفلبينية في محافظة الخبر والتي تمارس نشاطها اليومي في لعبة «كرة السلة» وقامت برصد انطباعاتهم عن هذا الشهر وروحانيته بالنسبة للمسلمين وكيفية قضاء أوقاتهم خلال هذا الشهر. استقرار أمني ومعيشي ففي البداية تحدث كل من رونالد، جويل، أيمان، قابريل، أندرو، سيرجيو، جيا وراؤول وقالوا إنهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي منذ أن قدموا إلى أرض المملكة قبل عامين ونصف، وفي شهر رمضان نستغل فترة الصباح حيث الهدوء في لعب كرة السلة في ملعب وسط صناعية الفوازية بالخبر بعد تجهيزه وتخطيطه على نفقتنا الخاصة. وأضافوا «نحترم مشاعر المسلمين خلال شهر رمضان، لذلك نحرص على عدم المجاهرة بالأكل والشرب في نهار رمضان أمام المسلمين الذين نحترمهم ونحترم خصوصياتهم الدينية كثيرا». وزادوا «العمل في المملكة يعتبر فرصة يتمناها أي وافد نظرا للاستقرار الأمني والمعيشي، فضلا عن تعامل المواطنين السعوديين الطيب مع العمالة الوافدة، وصراحة لم نجد منهم ما يزعجنا حتى الآن». أمارس حياتي الطبيعية أما صديقهم أمير حسين (24 عاما) وهو المسلم الوحيد بين أكثر من 30 فردا كانوا يمارسون اللعبة الجماعية، فقال «أحمد الله أنا مسلم وعائلتي مسلمة ونحافظ على الصيام والصلاة وقراءة القرآن، وبالرغم من عدم وجود مسلمين معي في السكن سوى شخص واحد فأنا أمارس حياتي بشكل طبيعي، ولم أتعرض للمضايقة من زملائي في السكن بل إنهم لا يتناولون الأكل أمامي في رمضان، فنحن نعمل في إحدى الشركات الكبرى في الخبر، وخلال شهر رمضان يبدأ دوامنا من الثامنة مساء وحتى الثانية فجرا وبعدها نعود إلى السكن، وأقوم بتجهيز وجبة السحور التي دائما ما تكون الأرز، والدجاج، والخبز، ومن ثم نخلد للنوم حتى الخامسة فجرا ثم نذهب جميعا لممارسة لعبة كرة السلة بواقع يومين إلى ثلاثة أيام في الأسبوع ونستمر في اللعب حتى السابعة، وبعدها نعود للمنزل وننام حتى العصر ثم أقوم بتجهيز وجبة الإفطار». وعن تأثير الصيام عليه وهو يمارس اللعب قال أمير «نعم واجهت عطشا شديدا خلال ممارستي اللعب في نهار رمضان واضطررت إلى الشرب وسوف أقضي هذا اليوم في وقت آخر». احتواء الجاليات الأجنبية وللمزيد من احتواء تلك الجاليات ودعوتهم للإسلام تسعى الكثير من الجهات والمكاتب الدعوية المعتمدة بالمنطقة الشرقية إلى دعوتهم للإسلام تعتمد على الترغيب بالطرق التي هي أحسن دون أن يكون هناك إجبار أو مضايقة، ففي مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بمحافظة الخبر «هداية» ينشط العمل الدعوي من خلال إقامة مخيم لإفطار الجاليات يتوافد عليه يوميا أكثر من 5000 وافد ويتم دعوتهم للإفطار والإسلام عبر عدد من المخيمات الخاصة بكل جالية على حدها، حيث تجول الزوار الأجانب من جنسيات مختلفة على كافة المخيمات الداخلية الخاصة بتسع جنسيات يتم تفطيرهم ودعوتهم وتقديم البرامج الإرشادية لهم طوال أيام شهر رمضان الفضيل. حيث نظمت إدارة توعية الجاليات بمكتب هداية اجتماع قبل شهر رمضان لوضع خطة وآلية عمل الخيمة الدعوية الفلبينية بالمخيم الرمضاني الثامن، بمشاركة متعاونين من الجالية الفلبينية. مخيم إفطار ودعوة وأوضح رئيس مجلس إدارة المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات «هداية» بالخبر الشيخ الدكتور صالح اليوسف أن مكتب هداية ينظم سنويا «مخيم إفطار ودعوة» على مساحة واسعة لاستقبال مختلف الجاليات ويتم إفطارهم ودعوتهم إلى الإسلام، وقبل حلول الشهر الفضيل من كل عام يتم عقد العديد من الاجتماعات مع مختلف الشركات بالمنطقة بهدف تنسيق زيارات متواصلة لموظفيها الأجانب غير المسلمين إلى المخيم الرمضاني لدعوتهم إلى الإسلام وتعريفهم بالمبادئ السمحة التي يتميز بها، مبينا أن الأعوام الماضية شهدت توافد أعداد كبيرة من المقيمين وتم تخصيص برنامج دعوي لهم حيث أثمرت جهود القائمين على المكتب عن إسلام أعداد كبيرة منهم في الوقت الذي أكد أن هذه الفئة من موظفي الشركات كشفوا عن افتقادهم لنوعية هذه البرامج الدعوية التي تستهدفهم كموظفين حيث تم الاتفاق مع إداراتهم بتخفيض عدد ساعات العمل خلال هذا الشهر وإدراجهم ضمن قائمة المسلمين الصائمين. وأشار الدكتور اليوسف إلى تقديم العديد من البرامج الدعوية التي تم تخصيصها لكل جالية داخل مخيمها الذي يشرف عليه عدد من المتطوعين والدعاة المكلفين باستقبال أبناء جالياتهم ومساعدتهم على القيام بواجبات الصيام واستغلال هذا الشهر للتقرب إلى الخالق سبحانه وتعالى بأفضل الأعمال. تسيير حافلات للعمرة وذكر مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات «هداية» بالخبر الشيخ جمعة الرميحي إسلام 138 أجنبيا من مختلف الجاليات منذ بداية شهر رمضان المبارك داخل مخيم «إفطار ودعوة 8» المقام على طريق الملك فهد مقابل إسكان الخبر، مبينا أن معظمهم عزموا على اعتناق الدين الإسلامي إثر ما شاهدوه من تعاون ومحبة بين أبناء جالياتهم والقائمين على المخيم خلال الأعوام الماضية، وكذلك ما سمعوه من محاضرات دعوية قدمها دعاة وعلماء بهدف نصحهم وتعريفهم بمبادئ الدين الحنيف. وأشار الرميحي إلى توزيع ما يقارب 150 ألف وجبة إفطار خلال الأيام الماضية في 9 خيام رئيسية و30 مسجدا تم تغطيتها بمحافظة الخبر إضافة إلى توزيع أكثر من 50 ألف وسيلة دعوية عبارة عن كتيبات وأشرطة دينية بجانب 232 درسا ومحاضرة بإشراف مشايخ وعلماء بمختلف اللغات العالمية، مبينا أن المكتب استطاع تسيير عدد من الحافلات التي نقلت 245 مسلما جديدا لأداء العمرة في هذا الشهر الفضيل بهدف ترسيخ إيمان المسلمين الجدد وتوثيق علاقتهم بالدين الإسلامي.