وصل التجاذب بين الموالاة والمعارضة في مصر لحدود خطيرة من التوتر الأمني والانقسام السياسي والاجتماعي العمودي، بحيث باتت مصر كدولة مركزية في المنطقة على شفا الانحدار السريع إلى مصاف الاحتراب الداخلي. وهذا الوضع لا يفيد بشيء المعارضة التي تسعى لإسقاط حكم الرئيس محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، كما أنه لا ينفع الحكم الحالي وهو يعمل على النهوض بمصر من وهدة الأزمات التي ترزح فيها منذ سنوات عدة، وتفاقمت أكثر مع نشوب ثورة 25 يناير قبل عامين وأكثر؛ لأن الخاسر من هذا الاقتتال هو الشعب، ولن ترضي المعارضة ولا الحكم أن تسيل دماء المصريين في الشوارع. فالشعب المصري انتفض في ذلك التاريخ من أجل عيش كريم وأمن واستقرار سياسي واجتماعي، ولم يقدم التضحيات من أجل ثورة دون أفق ورفض كل التسويات الممكنة من أجل تحقيق طموحات سياسية شخصية أو حزبية ضيقة. من هنا، فإن على مجمل الطبقة السياسية، سواء في الحكم أو المعارضة، واجب تحمل المسؤولية الكاملة إزاء ما يجري اليوم في شوارع مصر من استقطابات حادة قد تؤدي لا سمح الله إلى احتراب أهلي لا يبقي ولا يذر. وأن الحل الأمثل لكل المشكلات مهما كانت كبيرة ومعقدة إنما هو في الجلوس على طاولة الحوار البناء والتوصل إلى اتفاق تاريخي بين المكونات السياسية للشعب المصري؛ من أجل بناء دولة حديثة تحفظ حقوق الجميع، وتؤمن ظروف إنتاجية ملائمة؛ كي تأخذ مصر المكانة التي تستحقها بين دول العالم. وعلينا التأكيد هنا على أن أمن مصر وشعبها ليس مسؤولية الحكم والأجهزة المختصة فحسب، ولا تقع على عاتق القوات المسلحة حصرا، بل إن كل مواطن مصري اليوم هو معني مباشرة بحماية الوطن من السقوط وصيانة أمنه من العابثين المتربصين في الداخل والخارج. أما الدعوات إلى التظاهرات والتظاهرات المضادة والتلويح باستخدام العنف في الساحات، فهو لن يفضي إلى عكس المطلوب تماما، وستصاب كل المطالب المحقة بتشويه لا يمكن إصلاحه بأي حال من الأحوال، ولن تكسب المعارضة لو تمكنت من إسقاط الرئيس في الشارع، كما لن يكسب الرئيس لو استعان بالقوة لقمع المعارضة، والكل محكوم بالعودة إلى صوت الضمير والعقل.