يحتفظ التاريخ الإسلامي بأولئك الذين شرفهم الله ببناء الكعبة المشرفة على مر السنين، حيث يسجل أن أول من بنى الكعبة، الملائكة عليهم السلام، ثم آدم عليه السلام، ثم شيث بن آدم عليه السلام، ثم أمر الله جل جلاله إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ببناء الكعبة الشريفة، وكان نبي إلله إبراهيم يسافر إلى مكة من حين لآخر ليطمئن على هاجر وابنهما إسماعيل، وفي إحدى الزيارات طلب إبراهيم من ابنه أن يساعده في رفع قواعد البيت الحرام الذي أمره ربه ببنائه، فوافق إسماعيل، وأخذا ينقلان الحجارة اللازمة لذلك حتى انتهيا من البناء، وأخذا يدعوان ربهما أن يتقبل منهما، فاستجاب الله لإبراهيم وإسماعيل، وبارك الكعبة. وبنى إبراهيم عليه الصلاة والسلام الكعبة المشرفة بالحجارة وجعل ارتفاعها إلى السماء تسعة أذرع، وجعل طولها من الجنوب من ركن الحجر الأسود إلى الركن الشمالي مما يلي الجهة الشرقية أي من واجهة الباب الحالي 32 ذراعا، ومن الجنوب من الركن اليماني إلى الركن الشمالي مما يلي الجهة الغربية 31 ذراعا، ومن الشرق إلى الغرب مما يلي الجهة الجنوبية أي من الحجر الأسود إلى الركن اليماني 20 ذراعا، ومن الشرق إلى الغرب من جهة حجر إسماعيل عليه السلام 22 ذراعا، وجعل لها بابين ملاصقين للأرض، أحدهما من الجهة الشرقية مما يلي الحجر الأسود، والآخر من الجهة الغربية مما يلي الركن اليماني على سمت الباب الشرقي، وحفر في جوفها على يمين من دخلها حفرة بعمق ثلاثة أذرع لتكون خزانة للكعبة المشرفة أو مستودعا لمقتنياتها وهداياها، ولم يجعل لها سقفا ولا وضع على بابيها أبوابا تفتح وتغلق. كما أن البناء كان على شكل صف الحجارة صفوفا بعضها فوق بعض بدون مادة ماسكة، وكان يكمل كل يوم صفا واحدا، وهذا الأسلوب في البناء بدون مونة يسمى رضما. وقد جعل إبراهيم عليه الصلاة والسلام للبيت ركنين فقط، ركن الحجر الأسود والركن اليماني، ولم يجعل له أركانا من الجهة الشمالية بل جعله منحني الشكل، وجعل إلى جانبه عريشا أو زربا متناسبا في شكله مع انحناء جدار الكعبة المقابل له، تقتحمه غنم إسماعيل عليه الصلاة والسلام. ثم بناها العمالقة وقبيلة جرهم والتي تزوج منها إسماعيل عليه السلام، ثم رعلة بنت عمرو الجرهمي من قبيلة خزاعة والتي أجلت جرهم عن مكة، وتولت أمر البيت 300 سنة حتى أخرجها قصي بن كلاب المعروف بقريش الأكبر، والذي أعاد بناء الكعبة، وبعد ذلك في العام 5 قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، قبيلة قريش، وفي 65 ه بنى الكعبة عبد الله بن الزبير، وأعاد الحجاج بن يوسف الثقفي بناء الكعبة الشريفة العام 74 ه، وأزال كل ما بناه ابن الزبير وأرجع الكعبة على بناء قريش، والسلطان مراد العثماني 1040 ه و أخر بناء للكعبة الشريفة كان في عام 1417 ه، حيث أعاد البناء خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله. وفي الإسلام كسا الكعبة النبي صلي الله عليه وسلم بالثياب والقماش اليمني، وكساها عمر بن الخطاب بالكتان المصري، وأول من كساها مرتين في العام معاوية بن أبي سفيان في عاشوراء وخواتيم شهر رمضان. كان عبد الله بن الزبير يُطيبُ الكعبة من الداخل والخارج حتى يُوجد ريْحُها منْ طرف الحرم. كسوة الكعبة تكسى الكعبة الآن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كسوة جديده في التاسع من ذي الحجة من كل عام. وتزين الكسوة بآيات قرآنية مكتوبة بالأسلاك الفضية ومطلية بالذهب الذي يزن 120 كجم، ويزن الحرير المستخدم في الكسوة 670 كجم.