تسطع في الوعي الجمعي لأهالي المدينةالمنورة مشاهد المتاحف الخاصة التي تضم في ردهاتها العديد من المقتنيات الثمينة لحقب متباينة من الزمن. وأجمع عدد من حماة التراث أن الهواية كانت المفتاح الذي دشن لهم طريق إقامة متاحف خاصة مؤكدين أن التاريخ يمشي بين ردهات متاحفهم وأنها تجد الاهتمام من ولاة الأمر وأن الهيئة العامة للسياحة والآثار تهتم بمثل هذه المقتنيات وتشجعهم من أجل إطلاق العديد من المتاحف في أنحاء طيبة الطيبة مستفيدين من زخم التراث والتاريخ الروحاني العابق الذي تحمله مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم. وتابع أصحاب المتاحف الخاصة أنهم يتحدثون بلغة التاريخ وأن العديد من مدن المملكة تتضمن متاحف خاصة تحكي تراث وتاريخ الأجداد وتعرف الأجيال اللاحقة بمظاهر الحياة القديمة بكل تفاصيلها ومقوماتها التي ما زالت تنام في كتب التاريخ. وأضاف أصحاب المتاحف الخاصة أنهم يلتقون سنويا ويتباحثون بشأن وضع المتاحف الخاصة، مشيرين الى انهم لمسوا خلال العام الماضي تطورا في واقع المتاحف الخاصة من خلال دعم الهيئة العامة للسياحة والآثار. وأشار اصحاب المتاحف الخاصة الى انهم استفادوا من جهود التطوير التي بذلتها الهيئة العامة للسياحة والآثار من خلال الدورات التدريبية والتثقيفية والرحلات الاستطلاعية التي استفادوا منها في طرق العرض، إضافة الى ربط الترخيص بمعايير محددة تتعلق بطريقة العرض ومواصفات المتحف ما اسهم في تطوير المتاحف المرخصة. وفي هذا السياق، أوضح سند عبدالرحمن المغامسي المهتم بتراث المدينةالمنورة وأحد اصحاب المتاحف الخاصة انه قام بتصميم متحفه للتراث الشعبي وبناه بالحجارة في مزرعته وغطى أسقفه بالخشب بعد جمع مقتنيات أثرية كالمخطوطات والكتب والوثائق والأسلحة القديمة والحلي والملابس والفوانيس والقناديل العتيقة وكأنه يعيد مشهدا من حياة الأجداد، ويقدم للناس معلما سياحيا ثريا يضاف إلى المتاحف ومنها ثوب المرودن الذي يرتديه الرجال في الماضي وحلي نساء منطقة المدينةالمنورة وبعض الأواني والمقتنيات المنزلية قديما. وأشار المغامسي إلى أنه قام بجمع بعض المقتنيات والموجودات الأثرية المحتفظ بها منذ مئات السنين بالإضافة إلى بعض المقتنيات التي قام بشراء بعضها وتجهيزها، وأكد حرصه وتركيزه على جمع القطع الأثرية برغم امتلاكه للكثير من الملابس والحلي النسائية والأدوات والأواني والعملات القديمة لما يحتويه المتحف من قيمة تراثية. ومن جانبه، توقع سالم عيد الجهني صاحب متحف (رضوى) بمدينة ينبع في المدينةالمنورة ان تشهد المتاحف الخاصة تطورا كبيرا في الفترة المقبلة خاصة مع مناقشة عدد من القضايا التي تهم اصحابها وقال: أتوقع أن تأخذ المتاحف الخاصة وضعا أفضل خلال الفترة المقبلة من خلال دعم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار ، موضحا أن المتحف يحتاج جهد ودعم مادي وإبراز في الإعلام. وهو يفيد في ربط الجيل الحالي بالماضي حيث إن أغلب الشباب معرفته بسيطة بالتراث والتاريخ الحضاري والثقافي للمملكة، كما أنهم لا يعرفون كيف كان يعيش الأجداد الذين بذلوا الكثير من المجهود. وتابع الجهني بقوله: متحفي يلعب دورا هاما في المحافظة على الموروث الحجازي والهوية الوطنية، ويؤدي رسالة هامة للأجيال الجديدة للتعرف على ماضيهم. وأشار الجهني إلى أن فكرة الملتقى انتظرها أصحاب المتاحف الخاصة من سنوات طويلة، فالملتقى أمنية لكل صاحب متحف. وقال: ننظر للهيئة على أنها الراعي الوحيد للمتاحف الخاصة، لأنها لا تحقق أي دخل لصحابها فالزيارات مجانية ولا يمكن أن آخذ من ابناء ينبع أي رسوم فأنا أروج فقط للتراث وتكلفة شراء القطع التراثية مرتفعة كما أني أدفع شهريا 10 آلاف ريال كمصاريف تشغيل للمتحف، فيما تأتيني وفود أجنبية ويتعجبون من وضع المتحف وأنه يعتمد على الجهود الشخصية. فيما ذهب الدكتور نواف ذويبان الراشد (صاحب متحف) إلى أن التراث يلعب دورا كبيرا في الحفاظ على بقاء الهوية الثقافية لأي مجتمع، معتبرا أن المتاحف الخاصة تقوم بواجبها في هذا الإطار من خلال تواجد الزوار بكثرة، موضحا ان متحفه استقبل خلال الفترة الأخيرة مجموعات كبيرة العدد من الشباب السعودي الذين اصطحبوا معهم مجموعات سياحية أجنبية منها زوار من فرنسا، مبينا أن تلك المتاحف تسهم في تعريف الشباب بعراقة وتاريخ المملكة. وتابع: زارنا بالمتحف أكثر من 10 آلاف شخص، تعرفوا خلال زيارتهم على تفاصيل التاريخ ومورثها التاريخي والثقافي فهي أول منطقة استوطنها الإنسان بقارة آسيا ما يفرض علينا ضرورة إبراز تاريخنا وعراقتنا. أما محمد معتق (صاحب متحف خاص) فقال: تلعب المتاحف الخاصة دورا وطنيا ثقافيا علميا اجتماعيا، وتربط الماضي بالحاضر بصورة وثائقية، وتذكر الشباب بحياة الأجداد وماضينا، كما تبرز الولاء للوطنية والهوية وتدعم الثقافة السعودية، وأي دولة بالعالم تضع قصورها القديمة والفخمة في المتاحف، فدولة بلا ماض دولة بلا حاضر أو مستقبل، وأعتقد أن دور أصحاب المتاحف الخاصة -وأنا منهم- دور هام جدا، خاصة أنني أخذ الأمر كهواية بجهد شخصي بدافع حب الوطن والتراث والأصالة دون أي دعم من أحد. وأضاف: هناك تفاعل ممتاز من الشباب وكافة فئات المجتمع المحلي حيث يوجد لدي بالمتحف 3 آلاف مخطوطة وأقدم نسخة للمصحف الشريف دون نقاط. وطالب هيئة السياحة بالقيام بدور أكبر في دعم أصحاب المتاحف الخاصة، من خلال زيارات عدد من المسؤولين، مبينا أنه رفع خطابات للأمير سلطان بن سلمان تمنى منه خلالها دعم وتبني لقاء جميع أصحاب المتاحف الخاصة، ودعمهم من الهيئة، وتوفير شؤون إدارتها، والمساعدة في حفظ القطع الأثرية والتراثية النادرة، كما طالب الهيئة بدعم أصحاب المتاحف الخاصة بمبالغ مادية خصوصا أنها تؤدي دورا كبيرا في إزكاء روح اللحمة بين الشعب والحكومة من خلال تنفيذها لبرامج توعية للشباب والمواطنين. وكانت المدينةالمنورة سبق أن شهدت اللقاء الثاني لأصحاب المتاحف الخاصة الذي جرى خلاله تبادل الأفكار والخبرات في مجالات المحافظة على المقتنيات. قطع تراثية تهدف لقاءات أصحاب المتاحف الخاصة إلى تبادل الخبرات والتجارب والتعرف عن قرب على توجهات الهيئة تجاه تطوير المتاحف الخاصة وتقديم الدعم اللازم لها، وإثراء تجارب أصحاب المتاحف الخاصة في ما يتعلق بالمحافظة على القطع التراثية والأساليب المثلى لعرضها، وإبراز أهمية المتاحف الخاصة ودورها في بث الوعي بأهمية التراث ونشر الثقافة المتحفية بين أفراد المجتمع.