لم يستسلم العم علي هزازي لفقده حاسة البصر، بل يعيش أيامه بتفاؤل وإقبال على الحياة، يأخذ مكانه في احتفالات الأعراس التي يشارك فيها بمنطقة جازان، يعزف أعذب الألحان بالناي، ويتجاذب مع الحضور الطرائف والأحاديث، ما أكسبه شعبية جارفة بين الأهالي، الذين يحرصون على تقبيل رأسه، بينما يعزف بنايه أنغاما آسرة، تجبر كل من يستمع إليها على الصمت، يرسل موسيقي تذكر كبار السن بموسم الصرم، وجني الثمار، من خلال الترانيم التي كانوا يرددونها في الحقول والبساتين، وعلى الرغم من أن عازف الناي الشهير دغريري يعزف ضمن فرقة شعبية، إلا أن براعته تجعله يستأثر بالأضواء وإعجاب الحضور. أوضح العم دغريري أنه تعلم العزف على الناي منذ القدم، ومع مرور الأيام أجادها وحظي بإعجاب من يتواجدون في مناسبات الأفراح، الذين يؤكدون له في كل مرة أنهم يحرصون على الحضور من أجله، لأنه يسحرهم بأنغامه التي تسري إلى الأسماع بإحساس وتفاؤل. وبين العم هزازي أنه لم يفقد بصره سوى من عامين فقط، مرجحا أن يكون أصيب بعين خلال عزفه في إحدى المناسبات بالمنطقة، وقال بنبرة حزن: «لم أتخل عن الناي ولن أتخلى عنه وسأظل أطرب الآخرين الذين يتفاعلون معي ويشعرونني بالحياة، خاصة وأنا أسمع همسهم يشيدون بأدائي أحيانا ونشوتهم مع نغمة الناي أحايين أخرى»، وواصل حديثه بنبرة حزن «لا أراهم لكنني أسعد لفرحهم وأطرب لطربهم»، مبينا أن بلوغه من العمر عتيا وتجاوزه السبعين من العمر لن يثنيه عن مواصلة الأداء مع الفرقة الشعبية، وأن ما يزيده إصرارا هو أن عددا من أعضائها هم من رفاق الطفولة الذين لا يستطيع أن يفارقهم أينما حلوا أو رحلوا. ونحن نودع العم هزازي، أصر علينا ألا نغادر حتى يسمعنا الأنغام الصادرة من الناي الذي برع فيه، تركنا وهو يحاول أن ينثر الفرح بين الحضور على الرغم من آلامه.