دعا صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم خلال رعايته مساء يوم أمس الأول ملتقى ريادة الأعمال، الذي نظمته كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة القصيم إلى إنشاء فرع لوزارة الاقتصاد والتخطيط بالمنطقة، متمنيا إنشاء مركز لريادة الأعمال بجامعة القصيم بمشاركة إمارة المنطقة. وطالب سموه القطاع الخاص والشباب أن يكونوا عمليين إلى درجة كبيرة وواقعيين ومتابعين لمشاريعهم بجدية. من جانبه، اعتبر وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد بن سليمان الجاسر المتحدث الرئيس في الملتقى أن البطالة بين النساء تمثل هاجسا وتحديا سوف يستمر حتى تتغير نظرة المجتمع إلى حاجة الأسرة لعمل المرأة. وقال في إجابته عن سؤال بشأن الموارد البشرية والطبقة الوسطى، وإيجاد هيئة عليا لتنمية القوى البشرية: «إن الطبقة الوسطى هي عماد استقرار أي مجتمع وليس فقط في المملكة، والدولة مهتمة بذلك». وأضاف: «أصبح هناك لغط وحديث عن انكماش الطبقة الوسطى، وأطمئنكم.. نحن في وزارة الاقتصاد عملنا دراسة وهي لم تنكمش، الذي زاد هو الطموح، الذي أصبح عاليا جدا لدى هذه الشريحة وهو أمر مشروع، فالسياسة الاقتصادية وهاجس الدولة هو توفير الخدمات للمجتمع سواء كان في الصحة أو التعليم أو السكن إلخ، وهذه الشريحة مهمة جدا وكل القرارات تنصب حولها». وفيما يخص القوى العاملة، استطرد الجاسر أن إنتاجية ثلاثة أرباع المواطنين الذين يعملون في القطاع الحكومي غير مرضية. وإذا كان ثلاثة أرباع المواطنين إنتاجيتهم ليست عالية سوف تؤثر على الربع الآخر، وهناك حديث مع وزيري الخدمة المدينة، والعمل ولدينا ورش عمل نلتقي فيها ونناقش هذه الأمور، وهذا هاجس كبير، كلنا مقتنعون على وجوب أن يكون نقلة نوعية في تطوير الموارد البشرية الوطنية العاملة في القطاع الخاص والحكومي. وأشار إلى أن الخطة العاشرة أهم عامل فيها الإنتاجية، وأوضح أنه إذا كانت المشاريع الريادية تحظى باهتمام متزايد من قبل المخططين وصناع القرار في الاقتصادات الناشئة، فإنها تحظى لدينا في المملكة باهتمام حكومي كبير، في ظل تنامي المكانة المرموقة للاقتصاد السعودي على الصعيدين الإقليمي والعالمي، حيث أصبح اقتصادنا ولله الحمد من أكبر الاقتصادات العربية من حيث الحجم، فضلا عن كونه أكثرها حيوية باحتضانه لقاعدة صناعية ضخمة وأكبر قطاع تجاري وسوق مالية على المستوى العربي، وأن الاستراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد السعودي تواجه عددا من التحديات التي تبطئ وتيرة تحقيق الأهداف التنموية بالشكل المطلوب، ومن أبرزها النهوض بكل عوامل الإنتاج، بما فيها إنتاجية القوى العاملة، والارتقاء في تنافسية منتجاتنا الوطنية بالسوق المحلية والخارجية، وأنه أيمانا بحيوية كل التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي، عمدت حكومة خادم الحرمين الشريفين إلى مجابهة العديد من تلك التحديات بالكثير من الحلول والبرامج النوعية، وجعلت مواجهة هذه التحديات على رأس التوجهات الحديثة للخطة الوطنية العاشرة، وأن هناك متغير رئيس وحيوي يمكن أن يؤدي أدوارا جوهرية في التغلب على تلك التحديات وزيادة فاعلية الاقتصاد السعودي وانعكاساته المباشرة على التنمية الوطنية، وهذا المتغير هو التحول نحو مجتمع المعرفة والاقتصاد القائم على المعرفة الذي يعد من أهم دعائمه إبراز دور ريادة الأعمال، والاقتصاد القائم على المعرفة يتركز على التعليم، والمعرفة تؤسس القدرات التي تمكن من نقل المعرفة وتراكمها واستثمارها من قبل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة في أنشطة الإنتاج وتقديم الخدمات. وقال الجاسر: «إن الاستراتيجية بعيدة المدى 2005م 2025م المعدة من قبل وزارة الاقتصاد والتخطيط تركز على أنه بحلول عام 2030م، تتحول المملكة إلى مجتمع معرفي في ظل اقتصاد مزدهر متنوع المصادر، يقوده القطاع الخاص والقدرات البشرية، ويحتل موقعا بارزا كدولة رائدة ضمن مجموعة العشرين، ويوفر فرص عمل مجزية وتعليما عالي الجودة بالإضافة إلى عناية صحية فائقة وفرصا ثرية للتطوير الذاتي ومشاركة المجتمع لتعظيم رفاهية جميع المواطنين وحماية القيم الإسلامية وتراث المملكة الثقافي، وأنه انطلاقا من هذه الرؤية وجه خادم الحرمين الشريفين وزارة الاقتصاد والتخطيط بإعداد استراتيجية المملكة للتحول إلى مجتمع المعرفة مع وضع البرامج والمشاريع والجهات المنفذة ومؤشرات الأداء والجهة المشرفة على التنفيذ»، لافتا إلى أن الاقتصاد القائم على المعرفة سيعتمد وبشكل رئيسي على الابتكار وريادة الأعمال لتحقيق نقلة نوعية في التنمية المستدامة وتوفر فرص العمل للمواطنين عن طريق توليد المعرفة واستثمارها، فالتعليم والبحث العلمي يحولان الثورة إلى معرفة ولكن ريادة الأعمال تحول المعرفة إلى ثروة. وتحدث الجاسر في الحوار المفتوح الذي أقيم على هامش الملتقى عن السياسة المالية، مشيرا إلى أن أعلى فائض في تاريخ ميزانية المملكة تحقق في عام 2012م، حيث إن السنوات التي تلت عام 2000م سددت الحكومة تقريبا كل ديونها الكبيرة والتي تحملتها في السنوات العجاف لإيرادات البترول، وإعادة بناء الاحتياطات لتعويض أي نقص في البترول واستمرار الصرف على مشروعات المجتمع والتنمية، فالسياسة المالية مطمئنة، فلدينا أكبر مصرفية في تاريخ البشرية، ونحظى كاملا بالسياسات النفطية والمصرفية التي وظفت القطاع الخاص، لأنه قادر على امتصاص الصدمة التي حصلت نتيجة الأزمة المالية العالمية. وعن السياسة التنموية قال: «إن الصرف الحكومي على البنى التحتية مستمر لاهتمام الدولة بها، ولا أريد أن يعتقد أننا وصلنا إلى درجة الكمال، نحن لم نصل ولن نصل لأن الكمال لله سبحانه، والآن صدر كتاب تطوير الخطة من عام 1380 ونستطيع أن ننظر من خلاله في كيفية اهتمام الدولة بالبنى التحتية، حتى استطاعت الصرف عليها حتى في السنوات العجاف، فمن عام 1983م إلى 2002م كل سنة كان عندنا عجز بالميزانية ومع هذا استطاعت الدولة الاستمرار بالصرف، وأما السياسة الاجتماعية فلعل آخرها قرار الملك بخصوص الإسكان وقبله عدة قرارات، لأن خادم الحرمين الشريفين يرى أن الإسكان هو أهم مصدر للاستقرار الاجتماعي والأسري، ولذلك هاجسه أن يستطيع المواطن الحصول على المسكن، واقتصادنا بشكل عام يمر بمرحلة زاهرة، وأن التحدي الأكبر علينا هو زيادة فعالية الاقتصاد، حيث إن الدولة ستستمر في الصرف على الكم، ولكن الهاجس الأكبر أننا نتحول إلى الكيف والنوعية التي سوف تنقلنا إلى مصاف دول العالم». وعن السياسة الهيكلية قال: «لا زالت أمامنا فرص لنقوم بها بشكل أفضل، وليست وظيفة التخطيط هي الوظيفة المركزية كما في الصين والاتحاد السوفيتي، أو أرقام تضعها الدولة يجب تنفيذها بحذافيرها، فالتخطيط تأشيري، والاقتصاد الخاص يشكل 58 في المائة من الدخل، والدور التنسيقي في عملية التخطيط مهم جدا ولا زالت الدولة تصرف أكبر قدر ممكن على المشاريع التنموية، وهناك ضرورة في زيادة التنسيق بين الجهات الحكومية، ونعمل الآن على إعداد الخطة العاشرة، وأحب أن أطمئنكم أن هناك وعي لضرورة تحسين عملية التخطيط لرفع درجات التنسيق بين الجهات الحكومية لكي تصل إلى النتائج المرجوة». وأشار الجاسر إلى أن عوائق اقتصاد المعرفة ذهنية وليست مادية، وقال: «نحتاج إلى المزيد من الشباب والخريجين الذين يتمتعون بصفة الأناني المستنير والمستمتع بالمعرفة، ونريد تغيير الذهنيات إلى تحقيق الارتقاء بالمستوى المعرفي». وفي ختام الملتقى شهد أمير القصيم توقيع اتفاقية بين صندوق المئوية وجامعة القصيم، ثم كرم سموه الرعاة والمشاركين بالملتقى.