الأمن، في مفهومه الشامل، منظومة متكاملة تقوم على تعاضد وتشابك وتعاون الاقتصاد والاجتماع والثقافة والإعلام وإن كانت مرتبطة، في ظاهرها، بالأجهزة الأمنية في جانبها التنفيذي.. هذا المفهوم العام للأمن يجعله لا يكتمل ويؤدي دوره إلا إذا استشعر المجتمع أهمية مشاركة كل أفراده في المنظومة.. فالجميع مؤثر ومتأثر بالحالة الأمنية، فالنمو الاقتصادي والنشاط التجاري والنهضة الصناعية والاتساع المعرفي والإشعاع الثقافي كلها تحتاج إلى الأمن وتقوم عليه.. والأمن قبل أن يكون إجراءات وأجهزة رقابية وتنفيذية هو «أفكار» تنعكس على سلوك الناس وتؤثر في نشاطهم وتوجهاتهم ومواقفهم وأساليب التعبير عنها ولهذا برز في السنوات الأخيرة مفهوم «الأمن الفكري» بعد أن أصبحت الأفكار هي المحرك للكثير من نشاطات المجموعات المهددة لأمن المجتمعات، ومن هنا يبرز دور المواطن المثقف وأهمية مساهمته في الأمن الوطني.. والمملكة تحتضن اليوم اجتماعات مجلس وزراء الداخلية العرب المعنيين بالأمن بمفهومه العام، يصبح من الطبيعي الحديث عن الأمن الفكري ومسؤولية المثقف المواطن المطالب بقيادة الوعي العام من أجل توفير دواعي الاستقرار والأمن، وعليه مسؤولية مواجهة الأفكار الشاذة التي تهدد الاطمئنان والثقة في نفوس الناس وتزرع الشكوك بين الأفراد ومؤسسات المجتمع.. المرحلة بكل ملابساتها تضع المواطن المثقف في مكانه الطبيعي من المنظومة الأمنية وعلى الجميع أن يقوم بدوره حتى يؤدي حق وطنه ومجتمعه.