لا يمكن تقدير قيمة المقتنيات والآثار الموجودة بالمتاحف بمبالغ مالية مهما بلغت، فالتاريخ لا يقدر بالمال. وكما تحوي المناجم كنوزا من المعادن الثمينة من الألماس والذهب والأحجار الكريمة، فإن متحف علي النويصر بمدينة الجوف، الذي يضم كنوزا ثرية تشعر من يمتلكها بأنه أغنى الأغنياء لقناعته التامة بأن للتاريخ قيمة معنوية مرموقة لا تضاهيها قيمة. علي النويصر الرجل الذي أحب التاريخ حتى عشق التراث منذ عام 1395ه وما زال إلى يومنا هذا.. ومع إشراقة كل شمس ينطلق باحثا عن أية تحفة أثرية سمع بها، أو قرأ شيئا عن معالمها.. ليقتنيها على الفور دون أدنى مساومة على سعرها، ففي تقديره تعني له الكثير والكثير. بدأت قصة النويصر مع الآثار منذ 40 عاما، حين جمعته الصدفة رؤية بعض الأحجار النادرة، أثناء قيامه برحلاته البرية المعتادة. فلقد لفت انتباهه حجر غريب جدا يعود لحقبة زمنية قديمة، ومنذ ذلك اليوم صار النويصر يجمع النادر من الأشياء، ليتمكن بعد أربعة عقود من إنشاء متحفه الخاص، محققا أمانيه بعرض روائع التراث وفق تنسيق راق ومنظم. وبكل فخر يستقبل النويصر زواره يوميا في متحفه الكائن بدومة الجندل، ليرافقهم في رحلة إلى التاريخ تمتد لآلاف السنين، ليشاهدوا بأعينهم بعضا مما خلفه الزمن، ولتتملكهم مشاعر الدهشة والذهول، كيف أقتنى النويصر كل تلك الآثار النادرة. فالمتحف يضم أكثر من 18 ألف تحفة نادرة من أرض الجزيرة وبعض الدول كالأردن وتركيا والهند وروسيا، تنتثر جميعها بين الدواليب وعلى الأرفف، والبعض منها معلق على الجدران. لم يترك النويصر شيئا ذا قيمة تاريخية عظيمة إلا واقتناه باذلا في سبيل ذلك كل ما يملك من متاع الدنيا، حيث تعود بعض مقتنياته لأكثر من 1400 عام مضت، أي قبل الإسلام، كدرع الحرب المصنوعة من الحديد، وأقدم مصحف مصنوع من الرق. كما أن ركن الطب في المتحف يحمل آثار أطباء العصر اليوناني، ممثلا في الأدوية والعقاقير وأدوات الجراحات المختلفة المعروضة، الى جانب مختلف المعروضات التي تشتمل على أدوات الزراعة والحرث والري البدائية، ووسائل الإعلام والاتصالات من أجهزة راديو وهواتف وطوابع بريدية، الى جانب الأواني المنزلية والثياب القديمة.