خلال موسم أفراح الزواج عجبت للإسراف المكلف الذي يقدم عليه عامة الناس حتى وإن اقترضوا التكاليف، وقد تذكرت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في الولائم وعمل أصحابه، فوجدتهم لا يتميزون من حيث التخفيف ونبذ الإسراف، وطرح التثريب. فعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يرى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أثر صفرة فيقول : (ما هذا؟ فيجيبه: يا رسول الله تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب. فيقول صلى الله عليه وسلم : فبارك الله لك أولم ولو بشاة ). نعم هكذا وبكل بساطة يتزوج ولا يعلم عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لا يعتب عليه في عدم دعوته، ولا ينكر عليه، وإنما يوجهه للسنة، وينتهي الأمر مع أنه رضي الله عنه من أثرياء الصحابة. وجابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول : (تزوجت امرأة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا جابر تزوجت. قلت: نعم. قال: بكر أم ثيب؟ قلت : ثيب، قال: فهلا بكرا تلاعبها؟ قلت: يا رسول الله : إن لي أخوات فخشيت أن تدخل بيني وبينهن. قال صلى الله عليه وسلم : فذاك إذا . إن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت يداك ). هكذا تزوج جابر وعلم النبي صلى الله عليه وسلم متأخرا ولم ينكر عليه عدم إعلامه. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه أولم على بعض نسائه بمدين من شعير، وانتهت القضية. وفي حديث أنس رضي الله عنه قال : أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاثا يبنى عليه بصفية بنت حيي، فدعوت المسلمين إلى وليمته، فما كان فيها خبز ولا لحم، أمر بالأنطاع جمع نطع وهو البساط من الجلد فألقى فيها من التمر والأقط والسمن فكانت وليمته). وفي رواية كانت وليمة تعاونية بسيطة حيث أصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروسا، فقال : من كان عنده شيء فليجيء به؟ وبسط صلى الله عليه وسلم نطعا فجعل الرجل يجيء بالأقط وجعل الرجل يجيء بالتمر، وجعل الرجل يجيء بالسمن فحاسوا حيسا فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم . هكذا بكل بساطة.. وهو ما يجب أن نقتدي به. السطر الأخير: {لقد كان لكم في رسول الله قدوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر}.