حققت البنوك السعودية العام الماضي 2012م أرباحا مالية قياسية غير مسبوقة بلغت (35) مليار ريال سعودي – أرباحا صافية – ويعد حجم هذه الأرباح الأكبر في تاريخ البنوك السعودية.. أما حجم الودائع في بنوكنا فلقد بلغ في العام الماضي مبلغا فلكيا قدره (1152) مليار ريال – أي تريليون و 152 مليار ريال. ولا ريب أن البنوك تعد من المكونات الاقتصادية الهامة في البناء الاقتصادي الوطني. كما أن سعيها لتعظيم أرباحها يعد حقا مشروعا لها.. بل إن نجاح البنوك يمثل نجاحا للاقتصاد الوطني.. ويعكس – على وجه العموم – بوادر إيجابية مثمرة. ولكن، وكما أن من حق البنوك أن تحقق أكبر قدر ممكن من الأرباح.. فإن عليها واجبات ومسؤوليات تجاه المجتمع الذي تجني أرباحها من تعاملاته ونشاطاته. لا سيما وأن البنوك في المملكة العربية السعودية تحظى بمميزات لا تحظى بها البنوك في الدول الأخرى.حيث لا توجد ضرائب مفروضة على أعمال البنوك وأرباحها كما هو الحال في الدول الأخرى.. هذا فضلا عن الدعم «اللوجيستي» والمعنوي والتنظيمي الذي تحظى به البنوك من قبل الدولة ممثلة بمؤسسة النقد العربي السعودي - الجهة الرسمية المشرفة على قطاع البنوك -. وهناك ميزة إضافية تتمتع بها البنوك السعودية دون سائر بنوك العالم.. ألا وهي الودائع التي تودع فيها، دون أخذ مودعيها فوائد عليها.. حيث يعمد الكثير من المواطنين الى إيداع أموالهم في البنوك ويرفضون أخذ فوائد عليها لدوافع يرونها شرعية. ولقد بلغ حجم الودائع بدون فوائد خلال العام الماضي 2012 م في البنوك السعودية (693) مليار ريال!!. وهذا – لعمري – يمثل ميزانية دول!! . وللأسف في المقابل لا نلمس من البنوك استشعارا كافيا لواجباتها ومسؤولياتها الوطنية تجاه مجتمعها ومواطنيها ومؤسساتها العامة. وترتفع علامات التساؤل بشدة وبمرارة.. وننحن نشاهد البنوك في دول العالم الأخرى تساهم بسخاء وبفاعلية في خدمة مجتمعاتها.. ولا سيما في أعمال البر والخير والتنمية الاجتماعية.. والمساهمة في جهود الدول لمواجهة المشكلات الاجتماعية المختلفة. فعندما ندلف إلى الجامعات في الولاياتالمتحدة وأوروبا وغيرها.. نجد معامل وقاعات علمية ومباني ومراكز مؤتمرات وفصولا دراسية كتب على مداخلها ما يفيد بأنها تبرعات من بنوك.. هذا فضلا عن الأبحاث العلمية التي تمولها البنوك وتستهدف دراسة مشكلات المجتمع الذي تتواجد فيه هذه البنوك. ونشاهد في هذه الدول البنوك تنشئ مراكز صحية ومراكز إيواء ومباني للخدمات الاجتماعية وغيرها. البنوك هناك تساهم في دعم المستشفيات والمدارس والجامعات .. والجمعيات الخيرية وتمارس دورا فاعلا في معالجة مشاكل المجتمعات ولا سيما مشاكل الفقر والبطالة وغيرها. ويقدر ما تنفقه البنوك في تلك الدول ما بين 10 – 20 % من أرباحها السعودية لخدمة المجتمع وفق استراتيجيات مدروسة لتحقيق أهداف مسؤوليتها الاجتماعية. ونحن هنا لا نطالب بنوكنا بإنفاق 10 أو 20 % من أرباحها السنوية في أوجه الخير.. وإنما نطالبها أن تنفق فقط 5% من أرباحها السنوية لخدمة المجتمع في أعمال البر والخير والتنمية الاجتماعية. وحيث إن الأرباح الصافية للبنوك السعودية في العام الماضي بلغت (35) مليار ريال.. فإن ال 5 % تبلغ (مليارا وسبعمائة وخمسين مليون ريال).. ولو أنفقت بنوكنا هذا المبلغ بشكل سنوي في دعم الجامعات والمدارس والجمعيات الخيرية وإنشاء مراكز غسيل الكلى التي تشهد نقصا حادا، وفي تمويل العلاج بأقسام العناية المركزة بالمستشفيات.. وفي إنشاء أجنحة جديدة بالمستشفيات وتوسعتها لمواجهة الاحتياجات المتزايدة .. لشكل ذلك مساهمة فاعلة ومشكورة. وعلى البنوك السعودية أن تدرك أن قيامها بهذه المساهمات الإنسانية هو أمر واجب عليها.. وهي في ذات الوقت تساهم في تعزيز الصورة الذهنية الإيجابية للبنوك في أذهان الناس. إن آمال المجتمع وتطلعاته كبيرة في صدد دور البنوك في الاضطلاع بمسؤولياتها الاجتماعية.. يدفعه إلى ذلك أن القائمين على البنوك هم من أبناء الوطن الذين تهمهم مصلحة وطنهم ومجتمعهم.