أحيانا نقول إنهم بيننا، وحين تبلغ بنا النرجسية أقصاها نجزم بأنهم يسكنوننا، عندما ننصت لأحاديثهم نصدقهم، ومع أول تصرف نتعجب!! أولئك المقنعون الذين لا يجدون حرجا في التلون يوقنون بأننا نعرف أنهم (حربائيون)، يصرون على أن تتحول ألسنتهم إلى زهرة تفرز الرحيق أو نحلة تمنح العسل متى أرادت، وتوسع لدغا كلما شاءت. مؤلم أن نتقاسم ذات الرغيف وأحدنا يدس السم في نصفه، ومحزن أن نتبادل الابتسامة ونضمر في الأنفس ضغينة، قاتل ذلك الشعور الذي يجعلك أمام نفسك أضحوكة، خانق ذلك الإحساس الذي يخبئ خلف ملامحهم زيفا تحاول أن تقنع نفسك بأنه لم يكن سوى كذبة بيضاء، مررها إليك، وبدأ يبحث عن جنازة أخرى يقتل صاحبها ويشبع فيها لطما. ليتهم يعلمون أن الأقدار يتولاها رب العباد، ليتهم يقنعون ويوقنون أنهم لو ركضوا ركض الوحوش ما نالوا غير أرزاقهم، ليتهم يعتزلون المكائد، وينزعون الأقنعة ثم ترمى بعيدا، لأن الحياة سلف ودين، وكما تدين تدان. ربما تجبرنا الظروف على ألا نكون نحن.. نحن، وربما يدفعنا أمر على أن نتصرف بعيداً عما تمليه علينا القيم الإنسانية، لكن تحت أي ضغط فإننا يجب أن نراعي في تقلباتنا أنلا ندفع بضرر لأحد، وألا يكون تعدينا على غيرنا يمسهم بأذى. إننا نحتاج للتفكير كثيرا، وللمراجعة مليا، ولدراسة تصرف ما بتمعن أكثر، وأن نتوقع النتائج سيئها قبل الحسن، وضارها قبل النافع، حتى لا نكون في محط اتهام أو في موقع شبهة؛ فالمرء معرض لسوء الظن قبل الحسن، وأصابع الاتهام دوما تسبق تصفيق الإشادة. قبل أن أضع نقطة في آخر السطر، أبحرت في التفكير مليا، بررت لهم، وعرفت أن لارتداء الأقنعة دوافع، وصلت إلى نتائج بعدد شعر الرأس ولكن الأهداف لا تكاد تختلف عن بعضها، ولكن لنفكر -كل على حدة- ولنتساءل وهم أيضا عن الشعور الذي يخالجهم كلما وصلوا لنتيجة، عن موقفهم من أنفسهم حين يكون الرضى لديهم ملاحقا بضمير إن كان حيا.. فكروا ريثما يجيبون.. ولا تنتظروا أن يأتي لصوتكم من عندهم صدى!! [email protected]