مازال كثير من الأطفال والمهتمين بحقوق الطفل يتطلعون إلى إطلاق برلمان خاص بالأطفال لممارسة الديمقراطية، الانفتاح على الآخر، اكتساب مهارات الحوار وبناء الثقة بالذات وبعض المهارات والكفايات التي يتطلع المعنيون إلى تعميمها لدى الأطفال من خلال «برلمان الأطفال» والذي يمكن الأطفال من مناقشة قضاياهم بكل حرية تنفيذ لاتفاقية حقوق الطفل، وهي تأتي تجسيدا لمبدأ المشاركة الذي هو محور كافة الحقوق. إن تعويد الأطفال على التعبير عن آرائهم هو من مهام التربية التي تعد من أهم روافد التنمية الشاملة، فهي اللبنة الأساسية لتشكيل شخصية الطفل، فالتربية تنمي معارفه ومهاراته واتجاهاته، وتجعل منه مواطنا صالحا في مجتمعه وأمته، فأهداف التعليم في المملكة تنص على (تنمية وعيه ليدرك ما عليه من واجبات وما له من الحقوق في حدود سنه وخصائص المرحلة التي يمر بها وغرس حب وطنه والإخلاص لولاة الأمر)، لذلك أسندت مهمة اللجنة الوطنية للطفولة لوزارة التربية والتعليم. وانطلاقا من أهداف التعليم بدأت عدد من المدارس بتعويد الأطفال على ممارسة مبادئ الديمقراطية لتعزيز مفهوم حقوقهم تماشيا مع اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها المملكة، لذلك يرى عدد من المتخصصين تشكيل برلمانات للأطفال في المدارس لتكون نواة لمعرفة الطفل لحقوقه وواجباته كنشاط غير صفي في بادئ الأمر وفقا لإعلان الخرطوم 2009م، والذي أكد على حق الطفل في تعليم جيد النوعية وفي الأنشطة الترفيهية والترويحية، مما يمكن من الكشف عن قدرات الطفل وينمي ملكاته ويرسخ فيه قيم الخير والحق ويمكنه من التفاعل مع الغير ويملكه مهارات الحياة ويحدد به هويته ودوره الحضاري. ويرى التربوي السابق عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان طلال قستي أن من مبررات تأسيس برلمان للأطفال حاجة الأطفال إلى المعرفة حول حياتهم والمواضيع التي تؤثر عليهم، والحاجة إلى استثمار طاقاتهم وقدراتهم والاستفادة منها لخلق بيئة مواتية لمشاركتهم، تماشيا مع توصية لجنة الطفولة في جامعة الدول العربية الداعية إلى استحداث برلمان للأطفال العرب، من جهته، يؤكد عضو مجلس إدارة نادي حائل الأدبي عبدالرحمن اللحيدان المؤلف للعديد من السلاسل الثقافية للطفل أن ترسيخ مفهوم «برلمان الطفل» من شأنه أن ينمي لدى الأطفال الثقة بالنفس والقدرة على التعبير عن أنفسهم، كما ستحسن قدراتهم على تنظيم الأفكار والآراء بشكل واضح، وبالتالي ستساهم في تعلمهم الديمقراطية وممارستها، ويضيف المستشار القانوني خالد نحاس عضو الجمعية السعودية لرعاية الطفولة والمدير التنفيذي السابق لفرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة مكةالمكرمة أن مشروع «برلمان الطفل» لا بد أن تسبقه آلية تمكن الأطفال من أخذ دورات لإكسابهم المهارات والخبرات، فيما يتعلق بمفهوم الديمقراطية، والانفتاح على الآخر، واكتساب مهارات الحوار، والتفاوض، والتسامح، وبناء الثقة بالذات، والفكر النقدي هي من النتائج المتوقعة من برلمان الأطفال. وحول أهمية برلمان الطفل يقول المشرف على مجلس حقوق الطالب في مدرسة عبدالرحمن الداخل أحمد الزهراني: «كون ثقافة حقوق الإنسان، أصبحت ثقافة مجتمعية محليا وعالميا فإن من الأهمية تعلم الأطفال مفاهيمها، فقد أكدت مؤتمرات عديدة مثل مؤتمر الطفولة العربية 2001م، ومؤتمر الطفل العربي في ظل التحديات المعاصرة 2004م، ومؤتمر حماية الطفل العربي 2005م، في توصياتها على إيجاد رؤى جديدة لتربية الطفل ليواكب التغيرات المجتمعية، وبما يكفل له حياة إنسانية ذات جودة تربوية عالية من خلال غرس قيم الانتماء والتسامح والتعاون والمشاركة والمساواة والنظام، بما يجعله مواطنا صالحا لخدمة وطنه». أهداف برلمان الأطفال: ¶ التربية على الديمقراطية والمواطنة والتسامح. ¶ تفعيل حقوق المشاركة لدى الأطفال ودورهم في تفعيل ثقافة حقوق الطفل والتعريف بأهميتها. ¶ خلق ثقافة الحوار فيما بين الأطفال من جهة وبين الأطفال والمسؤولين من جهة ثانية. ¶ متابعة تنفيذ اتفاقية الأممالمتحدة لحقوق الطفل. ¶ تبادل الخبرات والأفكار بين الأطفال. ¶ إصدار تقرير سنوي عن حقوق الطفل من قبل الأطفال أنفسهم من خلال اجتماعاتهم وتوصياتهم. ¶ رفع توصياتهم إلى الجهات المعنية بالطفولة. توصية: أدرجوها في المناهج أوصى الاجتماع التأسيسي الأول لبرلمان الأطفال العرب الذي دعت إليه جامعة الدول العربية وعقد يومي 17 و 18 نوفمبر 2005م في بيروت، الدول العربية على إحداث هياكل تتيح للأطفال المشاركة والتدريب على ممارسة حقهم في التعبير، ودعوة الدول إلى إدراج مادة حول كيفية عمل البرلمانات في المناهج المدرسية. وكانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية (إدارة الأسرة والطفولة) وجهت الدعوة إلى المجالس العليا واللجان والهيئات الوطنية للطفولة والأجهزة والإدارات المعنية بشؤون الطفولة بالوزارات المتخصصة في الدول العربية للمشاركة في هذا الاجتماع الذي أوصت به اللجنة الفنية الاستشارية للطفولة العربية في دورتها الحادية عشر (الخرطوم / مايو 2005م) بعد الموافقة على المقترح المقدم من المجلس القومي لرعاية الطفولة في السودان بإنشاء برلمان الأطفال العرب. وتولي جامعة الدول العربية اهتماما متزايدا بالطفولة وتعمل على تشجيع الجهود الرامية إلى استعادة الشخصية العربية المبدعة وإلى تنمية التفكير العلمي والثقافة الابتكارية والإبداع الأدبي والفني لتلك الفئة التي سيتولى أفرادها المسؤولية بعد سنوات ليست ببعيدة، لذلك فإن تأمين حقوق الطفل وتنمية قدراته أصبحا من أهم اهتمامات جامعة الدول العربية وذلك من خلال رسم السياسات ووضع البرامج والخطط والاستراتيجيات الهادفة إلى تحسين وضع الأطفال في المنطقة العربية، وتأكيدا على حق الطفل في حرية الرأي والتعبير وتشجيع الحوار المتبادل والمفتوح معه بهدف تنمية قدراته على تحمل المسؤولية.