اختتمت في الرياض القمة الاقتصادية العربية، وهي التي عقدت في ظروف استثنائية وشائكة، كما أنها عقدت اجتماعاتها بحضور عال في مستويات القادة العرب، الذين تخففوا من المناقشات السياسية قليلا، والتفتوا إلى قضايا الاقتصاد والتنمية وآفاق التكامل العربي، وهي المسائل التي أصبحت جوهرية وملحة وأكثر تأثيرا في مسار القرار السياسي العربي وتحديد أولوياته خاصة بعد موجة التغييرات السياسية وما يعرف بالربيع العربي الذي كان جذوة اشتعالاته هي البطالة والفساد، وهي ملامح عامة اصطبغ بها الوطن العربي منذ عقود طويلة وبفعل طغيان العقلية السياسية العربية وفرديتها وانزياحاتها غير المسؤولة عن الواقع المعيشي والتنموي للشعوب العربية نحو تخليد سياسات الإفقار والبطالة والفساد. قد لا تكون هذه القمة الاقتصادية الأولى ولكنها الأهم في مرحلة سياسية عربية استثنائية، ينبغي أن يتم فيها تجاوز الماضي بكل خيباته والالتفات نحو المستقبل بكل تطلعاته وإشراقاته، وهي مرحلة مفصلية في إعادة تقييم العلاقات العربية العربية التي يجب أن تتجاوز الحساسيات الاعتيادية إلى خلق شراكة وتكامل اقتصادي نوعي يؤسس لعلاقات إيجابية وبناءة تتجاوز الخطاب العقائدي والسياسي الضيق وتتحرر من إملاءات اللحظة وتجاذباتها. إن العمل العربي المشترك ينبغي أن يعلو ويقف ثابتا على أرضية الاقتصاد التي تشكل متانة ذهنية وواقعية مجردة تعمل فقط لصالح المواطنين العرب، وهذا السعي هو جوهر لإبراز مصداقية القيادات السياسية العربية واتجاهها نحو الواقع بعيدا عن الخيال المجنح والتمنيات الطيبة. والشيء اللافت للنظر هو البيان الختامي الصادر عن هذه القمة والذي جاء مليئا بالتوصيف الدقيق للوضع الاقتصادي العربي ووضع الحلول والمخارج، وأهم ذلك النقطة المتعلقة بالشباب الذين شكلوا جذوة الرفض والامتعاض في الواقع السياسي العربي ومسألة الاهتمام بهذه الفئة والرفع من معيشتهم لم تعد قضية قطرية مغلقة على كل بلد وإنما مسألة عربية جماعية بامتياز، ينبغي أن تتكاتف الجهود من أجلهم باعتبارهم نبض اللحظة العربية الراهنة.