بقدر ما يتمتع الرجل بحريته في العمل وفي الترفيه، بقدر ما يضيق الخناق على حرية المرأة. فما أسهل أن نضيق عليها في ممارسة الرياضة في مدرستها التي لا أثر للرجل فيها، وما أيسر أن نتحدى لقيادتها للسيارة، وما أسرع أن نعرقل عملها في محلات الملابس الداخلية النسائية. وهكذا نحن أخيرا وليس آخرا نضيق الخناق عليها في ركوب الدبابات «ترفيها مثلها مثل الرجل» وذلك في منطقة الثمامة القريبة من الرياض، كما جاء في مقال الأستاذ صالح الطريقي ( «عكاظ» 8/12/1434ه ص 7 ). لقد منعت هيئة الأمر بالمعروف أصحاب الدبابات من تأجير الدبابات للنساء منذرة من يفعل ذلك يؤخذ عليه تعهد في المرة الأولى، وفي الثانية تتخذ الإجراءات النظامية ضده !. لقد كان هدف الهيئة حماية المرأة من التعرض لها من بعض الشباب من «ضعاف النفوس»، غير أنه قد يكون من العدل أن لا تظلم المرأة بمنعها من الركوب وهي الضحية.. بينما يباح ذلك لضعيف النفس من المتحرشين! إن الهيئة تتبع الشرع، فإذا كان الشرع يحرم تأجير الدبابات للمرأة، أو أن هناك نظاما صادرا يمنعها من ممارسة مثل هذا الترفيه.. حينئذ وجب التنفيذ، أما وإن كان المنع ليس بسبب تحريمه شرعا ولا لعدم جوازه نظاما، وإنما من أجل حماية المرأة بالحؤول دون اختلاطها بالرجال من جهة، وعدم تعرضها للتحرش من جهة أخرى.. فإن الحماية لا تقتضي حرمانها من الترفيه البريء.. بل تتطلب وضع الضوابط التي تمنع تعرضها لأي أذى أو تحرش. أفلا يمكن أن يفصل مثلا مجال النساء عن مجال الرجال ؟ إذا لم يكن ذلك متاحا، أليس من العدالة أن يخصص للنساء أوقات يركبن الدبابات وحدهن لا يسمح خلالها للشباب للركوب إلا في أوقات أخرى تخصص لهم ؟ من يضبط من الشباب متحرشا تتخذ ضده الإجراءات النظامية بدلا من اتخاذها ضد أصحاب الدبابات. أليس من الأوفق أن لا نتعجل باللجوء إلى التحريم والمنع تطبيقا لحرية المرأة ونبحث بدلا من ذلك عن حلول نرسم لها الضوابط التي تنظم العمل أو الترفيه الذي نستنكر ممارسة المرأة له ؟.. فإلى متى التضييق على حرية المرأة؟