يمكن لك أن تعوض إنسانا سرقت منه أمواله أو أرضه أو حتى سيارته، بيد أنك لا تستطيع تعويض هذا الإنسان حين يسرق جزء من عمره دون ذنب، كما حدث للسجين «ع.س» الذي فقد 16 عاما من عمره قضاها داخل السجون، ينتظر إطلاق سراحه دون معرفة الوقت المحدد، بعد أن أصدرت المحكمة بحقه حكما بالسجن 3 سنوات وجلده 90 جلدة تكرر 10 مرات، وتغريمه 36 ألف ريال تدفع لوالده عوضا عن التلفيات بإحراقه سيارتي والده، ثم ربطت المحكمة حكم العفو أو خروج السجين بيد الأب، فإن عفا عنه خرج، وإن لم يعف يستمر سجن الابن الخمسيني. لا أعرف ما الدوافع التي جعلت الأب يترك ابنه «الخمسيني» داخل السجن 13 عاما، وما الجريمة التي ارتكبها الابن ليتركه والده 13 عاما بعد أن أنهى مدة الحكم عليه، إذ إن المحكمة منحت صلاحية إطلاق سراح «المجرم» بيد من يمكن تسميته «ضحية»، بيد أني أعرف أن ربط الحكم بيد «الضحية» قد تبالغ في انتقامها، فما يحكم الضحية فكرة الانتقام وليس فكرة العدل والحق. بالتأكيد لا يمكن إرجاع الزمن لتعويض هذا الإنسان الذي دخل للسجن كمجرم، فأصبح وبسبب هذا الحكم ضحية أخرى، من المؤكد أيضا أنه لا يمكن للمحاكم في العالم وعبر التاريخ ألا تتورط بالحكم على بريء، ففي أحايين نادرة تتراكم الأدلة الظرفية على إنسان، أو يتورط ببشر فاسدين يشهدون ضده، أو تدس أدلة مادية لإلباسه القضية، وهنا لا نستطيع مساءلة المحكمة لماذا حكمت على البريء، فالأدلة تشير أنه المجرم؟ ولكن تصبح المحكمة مدانة حين تحكم على شخص بالسجن، وتربط إطلاق سراحه بيد الضحية، وإن كانت هذه الضحية أبا أو ابنا، فالواقع والتاريخ يخبرنا أن علاقة القرابة ليس بالضرورة أن تكون «أحن» من الآخرين، فثمة من قتل طفلته ومن عذب طفله، ومن قتل أو طرد والده ليستولي على الحكم، حتى أول جريمة بشرية لم تمنعها قرابة القاتل من القتيل. خلاصة القول: لا يمكن تعويض هذا المجرم الذي أصبح ضحية، ولكن كيف يمكن للمحاكم منع مثل هذه الأحكام في المستقبل، حتى لا يصبح المجرم ضحية المحكمة؟ للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة S_ [email protected]