عندما تمر بالإنسان أحداث مهمة تؤثر على عواطفه الداخلية كفقدان عزيز أو موقف إنساني مؤثر أو أحداث قديمة من عهد الطفولة، فهذا يؤثر على سلوكياته المستقبلية والوقتية. وقد أكد العلم الحديث ذلك، بوصف هذا العقل مخزنا جبارا للمعلومات من سن الطفولة، وقد أثبت البعض أن العقل يدرك منذ الشهر الخامس من الحمل، ويدل على ذلك تعلق الرضيع بصوت والدته وتمييزه أحيانا لرائحتها رغم عدم اكتمال عقله الواعي في هذه المرحلة، ولذلك لا يستهان بأي حدث يتم أمام الطفل بحجة صغر سنه، بل العكس فعقله الباطن يحفظ الأحداث السلبية والإيجابية ويبرمجها مستقبلا حتى سن الستين، والدليل على ذلك عند سؤال أي شخص في عمر متقدم عما فعله بالأمس، ربما يتذكر، وقد ينسى، لكن الغالب أنه يتذكر أدق تفاصيل طفولته فيسردها ولا يفقد منها شيئا. ونجد بعض الأحلام تتصل بالعقل الباطن بشكل مباشر؛ كأن يرى الإنسان في الحلم أنه داخل لامتحان مادة معينة ربما رسب فيها باستمرار، رغم أنه في الواقع أنهى دراسته وتجده يفيق من نومه منزعجا، وعند التحليل تجده فعلا يعاني من هذه المادة أو مدرسها. وعندما يتكرر حلم السقوط من مكان مرتفع، نجد أن الرائي يعاني من رهبة المرتفعات، أو يتكرر عليه رؤية الوزغ وبعض الحشرات المؤذية لدلالة الحسد أو الرهبة من الحشرات. ومن ناحية أخرى، فإن الأمور السلبية التي يحاول الإنسان تناسيها، ويعتقد أنه نسيها، سيكتشف أن عقله الباطن قد خزنها ويتذكرها بعد فترة وجيزة حينما تخرج له في صورة أحلام، فيردني حول الأمر أحلام كثيرة من قبل النساء يرين أزواجهن قد تزوجوا بغيرهن، وتعيش الواحدة منهن فى حيرة وقلق، ويبدأ النكد والشك يفتح بابه أمامها، فيدخل الشيطان في حياتها، وتعيش في أوهام وتخيلات لا صحة لها. وأحب في هذا المقام طمأنة النساء اللاتي يرين أزواجهن قد تزوجوا بغيرهن، رغم أن تفسير ذلك لا يخطر على بالهن في مفردات علم التأويل. ومن هنا، نستوحي أن العقل الباطن يؤثر بصورة مباشرة على ذهن الإنسان وتصرفاته دون أن يعي أن هذا نابع من داخله؛ لذا يجب ألا نعيش في أسر تلك الظنون الناتجة عن أحداثنا الماضية واليومية، وأن نحسن الظن والتفاؤل بالله عز وجل، فهو مدبر الأمور سبحانه. وسنشرح في المقال القادم كيفية التخلص من المخرجات السلبية المتكونة في العقل الباطن.. والله أعلم.