استوقفني خبر عن مخبز في مدينة جدة يقدم الخبز مجانا لمن لا يستطيع دفع قيمته. صاحب المخبز استوحى هذه الفكرة من صاحب مخبز شاهده في تركيا. لا ريب أنها بادرة جيدة، وتنم عن شعور إسلامي وإنساني عميق، ونحن كمسلمين أولى الناس به، ولم يعجبني تقليل البعض من هذا العمل والتشكيك بأهدافه ووصفه بالدعاية التجارية، والمعلوم أن الإنسان ليس له إلا الظاهر، أما النيات فلا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى. وما أحوجنا في هذه الأيام التي تباعدت فيها المساكن والأنفس عن بعضها، إلى قيم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف والرقي الإنساني، مثل الشفقة والرحمة والتكافل والتعاضد، حيث أيام طويلة تمضي ولا يعرف الرجل من يسكن بجواره، وهل يجد أو لا ما يطعم ويكسو به أهل بيته. بلدنا بلد الخير، وحكومتنا الرشيدة داعمة قوية لأعمال البر والخير في الداخل والخارج، وشعبنا السعودي الأبي جبل بالفطرة على أعمال الخير والبذل والعطاء.. ولكن في الواقع نريد تعزيز مثل هذه الأعمال الطيبة بداخل الوطن، وتلمس احتياجات الأسر بحرفية ومسؤولية وسرية وعلنية أيضا، ويرجى بكل ذلك وجه الله والدار الآخرة، وتعزز أواصر الأخوة والمحبة والألفة بين أفراد المجتمع في وطننا الغالي. فمن مواطنينا، ولله الحمد، آلاف الرجال والنساء من التجار الذين أنعم الله عليهم بنعم وفيرة، وتخطت أرصدتهم عشرات الملايين، وجاء ترتيبهم في مقدمة قائمة أصحاب الثروات في الوطن العربي والشرق الأوسط، حسب تقرير نشر مؤخرا، زادهم الله من فضله. وهنا أورد بعض المقترحات التي أتمنى أن تجد لها قبولا وتجاوبا من تجارنا الكرام: ما يضر أصحاب المطاعم والمأكولات لو يخصصون جزءا بسيطا من أرباحهم لإطعام الجياع والمحتاجين أو يوما واحدا فقط في الشهر يجعلونه مجانيا في حب الله، ولنا أسوة طيبة في مطعم شهير في جدة خصص ريالا واحدا فقط من كل وجبة يبيعها لأعمال الخير، فبارك الله في تجارته ووصلت سمعة سلعته الجيدة أرجاء الوطن العربي. ما يضر أصحاب الملبوسات والأغراض النسائية والرجالية بتخصيص جزء بسيط من بضاعتهم لكسوة القادمين على الزواج من الجنسين، وما يضر أصحاب قصور الأفراح أيضا أن يخصصوا الأيام الشاغرة لديهم لهذا الغرض. وفي النهاية، هناك مجالات وأنشطة كثيرة يستطيع المقتدرون فيها مساعدة الضعفاء والمحتاجين، وأقول: اللهم بارك وأنعم وأخلف لكل من ساعد الناس وخفف عليهم، اللهم أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا تلفا. [email protected]