شرفت بمعرفة الشيخ العلامة محمد بن عبدالله السبيل منذ 35 عاما حينما كنت طالبا في الجامعة ثم توطدت علاقتي وصلتي بالشيخ محمد عند تعييني موظفا بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وقد كان لي الشرف في العمل بالقرب منه، وإن ما أود الإشارة إليه في هذا الصدد هو اعتراف بفضله وإشادة بأثره وحفاظ على حقه، فقد مر بخاطري يرحمه الله فوددت أن أعبر عما يكنه القلب نحو هذا الرمز وقد بدأت الكلمات تتزاحم أمام ناظري كنجوم السماء المتلألئة التي تحيط بالبدر في تمامه، فأخذت أعيد الذاكرة إلى الوراء قليلا لعلي أستذكر بعضا من مآثر وأعمال هذا العالم، حيث شرفه رب العزة والجلال بالإمامة والخطابة والتدريس ببيته الحرام لعدة عقود وكانت له رؤية ثاقبة، وبصيرة نيرة، وقد نذر حياته للعلم والبذل والعطاء وخدمة الدين والوطن، كان لديه ثبات في الحق وجهد مشهود في الدعوة السلفية الحقة والعمل على توعية وإرشاد المسلمين لأمور دينهم والذب عن الإسلام وأهله، وقد حمل سماحته هموم الأمة والدعوة الى الله وشرعه في كثير من مؤلفاته ورسائله وخطبه المنبرية وفي رحلاته الدعوية داخل المملكة وخارجها وشارك في العديد من الملتقيات والمؤتمرات والندوات العلمية التي كان لها كبير الأثر في نفوس المسلمين عامة. وكان يتصف بسلامة العقيدة وحسن السيرة وصفاء السريرة ونبل السجايا ودماثة الخلق وسعة الصدر وجمال المنطق وكريم الخصال وحسن السمت لطيف المعاملة لين الخطاب ذا بسمة رائقة تظهر دائما على محياه وكلمة طيبة عند أي لقاء، وكان عطوفا كريما لا يرد طالب حاجة أو مساعدة وخاصة طلبة العلم والمحتاجين، وهذه حلل منسوجة ارتداها وتوشح بها سماحته طيلة حياته، غفر الله له وأسكنه فسيح جناته (إنا لله وإنا إليه راجعون).