الأخبار التي تتلاحق يوميا حول استهداف شخصيات عسكرية وأمنية في قلب صنعاء وعواصم المدن الأخرى، والاغتيال في وضح النهار وبمنتهى البساطة لأمر يثير القلق والتكهنات حول وجود مؤامرة من أي نوع كانت لإدخال اليمن في فوضى عارمة، وفتح الباب على مصراعيه أمام حمى الاغتيالات وما تحمله من ثقافة مدمرة خالية من الأخلاق والحجة واحترام الاختلاف. والمسألة مريبة إلى حد بعيد خاصة ونحن على بعد مسافة زمنية محددة من انطلاق الحوار الوطني والذي يقع على عاتقه معالجة كل إشكالات الوطن في أجواء آمنة مستقرة بعيدة عن جراحات الماضي، ولكن سفك الدماء في هذا التوقيت يثير أكثر من علامة استفهام ويؤكد أن هناك قوى ليس من مصلحتها خروج البلد بأقل قدر من الخسائر، وطي صفحات الماضي التي أنهكت اليمنيين ودمرت حضورهم الإنساني وتميزهم الثقافي وإمكاناتهم الاقتصادية، وهذه القوى فاعلة في قلب المشهد السياسي وتحمل كثيرا من إمكانات وأدوات القتل، وإشعال حرائق الفتنة بين أطراف العملية السياسية. إن هذا التوقيت قاتل بالنسبة لليمنيين وهو في مرحلة عنق الزجاجة والمطلوب خروجه معافى إلى المستقبل، والقوى التي تؤمن بثقافة الاغتيالات وتصفية الآخر وتمارسها نهارا جهارا، إنما هي قوى خارج الإجماع الوطني الداعي إلى الخروج الآمن إلى يمن جديد يتوافق فيه أبناؤه ويؤمنون بآليات أكثر تحضرا ومدنية لإدارة الاختلاف ومعالجة التباينات بعيدا عن لغة الموت التي لم تجلب غير الخراب.