استاء عدد من المستثمرين في قطاع الفنادق في مكةالمكرمة من تنامي ظاهرة التستر التجاري في قطاع الفنادق خاصة بالمنطقة المركزية، حيث تصل ظاهرة التستر التجاري إلى 80% نظير مقابل مادي لا يتجاوز 5% من دخل الفنادق المستثمرة من قبل الوافدين تحت اسم أو تراخيص لمواطنين، مؤكدين أن التستر التجاري بات يهدد استثماراتهم في القطاع الفندقي، خاصة أن خسائرهم في العام الماضي تجاوزت ال60% بسبب التستر والمنافسة غير الشريفة، محملين الجهات المختصة في وزارة التجارة، وإدارة الجوازات والهيئة العامة للسياحة والآثار السبب في تفشي ظاهرة التستر التجاري. وأوضح المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار في مكةالمكرمة عبدالله السواط، أن جهود الدولة في دعم السياحة الداخلية تبشر بمستقبل واعد، غير أن الهيئة العامة للسياحة والآثار ليست جهة رقابية ودورها يتمثل في إبلاغ وزارة التجارة والصناعة في حالة الاشتباه على التستر لتتولى الوزارة بدورها متابعة إجراءات الضبط، مؤكدا ان صناعة السياحة في مكةالمكرمة على وجه الخصوص تشكل رافدا اقتصاديا وطنيا، وأن التستر التجاري سواء في قطاع الفنادق أو غيرها من الأنشطة التجارية، يؤثر سلبا على مستقبل السياحة والوجهة الحضارية لهذه المدينة المقدسة. وقال «يجب ان تتعاون جميع الجهات ذات العلاقة وعلى رأسهم المواطنين بالامتناع عن التستر، ورفع درجة الوعي لديهم بخطورته على الاقتصاد الوطني، وما يترتب عليه من آثار سلبية من تهجير الأموال، وقلة الفرص الوظيفية وتنامي ظاهرة الغش التجاري والمنافسة غير الشريفة»، مبينا ان الهيئة تبذل قصارى جهدها للحد من هذه الظاهرة في الأنشطة السياحية. تستر المواطن من جهته، أشار عميد معهد الإبداع وريادة الأعمال بجامعة أم القرى الدكتور خالد المطرفي، إلى أن مفهوم التستر التجاري يعرف وفقا لأحكام المادة الأولى من نظام مكافحة التستر بأنه تمكين الوافد من استثمار أو ممارسة نشاط تجاري لحسابه، أو بالاشتراك مع غيره محظور عليه ممارسته، أو لا يسمح له نظام استثمار رأس المال الأجنبي أو غيره من الأنظمة والتعليمات بممارسته. وبين المطرفي أن المواطن يعتبر متسترا في حالة تمكين الوافد من استخدام اسمه أو ترخيصه أو السجل التجاري لممارسة النشاط التجاري، كما يعتبر متسترا كل أجنبي حاصل على ترخيص استثمار أجنبي وقام بتمكين وافد آخر من العمل لحسابه خلافا لنظام استثمار رأس المال الأجنبي، حيث يؤدي التستر إلى تهرب الوافد من الرسوم التي يتطلبها نظام الاستثمار الأجنبي من خلال عقد صوري بالراتب والميزات، وعليه فإن كشف مثل هذه القضايا تكتنفه صعوبات عدة. وأكد المطرفي أن حجم الظاهرة كبير جدا حيث يقدر حجم التستر التجاري واقتصاد الظل بحسب تقارير البنك الدولي من 20-30% من إجمالي الناتج المحلي للدول النامية، وما يقارب من 150-270 مليار ريال سعودي وهذا الرقم كبير جدا بالإضافة إلى التأثير سلبي على السياسة النقدية في الاقتصاد، حيث إن معظم المعاملات في اقتصاد الظل والتستر تتم بالشكل النقدي المباشر، وبالتالي سيزداد الطلب على النقود والاحتفاظ بها مما يؤدي إلى زيادة النقود المتداولة خارج المصارف وبالتالي يصعب التحكم والسيطرة على النقود مما يودي إلى فشل السياسات النقدية. وقال «تشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من 8 ملايين وظيفة في القطاع الخاص نصيب الموطنين منها لا يتجاوز 10% مما انعكس على أن تكون السعودية ثاني دولة في العالم العربي من حيث معدلات البطالة بين الشباب والتي تصل إلى 30% بعد العراق 44% وأكثر من مصر 25% وسوريا 18%»، مستدركا بأن هذا الرقم الهائل من العمالة الوافدة بالإضافة إلى التستر وضع السعودية كأكبر مصدر لحوالات العمالة الوافدة المغتربة حيث بلغت 26 مليار دولار لعام 2011 بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية ب 48.3 مليار دولار والتى يبلغ عدد سكانها ضعف عدد سكان المملكة بنحو 11 مرة. ولفت المطرفي إلى أن الحوالات المصدرة من المملكة تعادل الحوالات المصدرة من ألمانيا وايطاليا واسبانيا مجتمعة تقريبا و6 أضعاف تحويلات العمالة الموجودة في الصين، مما يظهر بشكل واضح وجلي أن حجم هذه الأموال ليست مجرد تحويلات لرواتب العاملين فقط بل إن هناك رؤوس أموال تعمل في السر، لافتا إلى أن هذا الرقم يمثل التحويلات عبر القنوات الرسمية. التهرب الزكوي وبين المطرفي أن التستر يساهم بشكل كبير في التهرب الزكوي والضريبي ففي عام 2011م بلغت واردات المملكة 496 مليار ريال بينما نجد أن الوعاء الزكوي لنفس العام بلغ 360 مليار ريال، مما يظهر بشكل جلي مدى التهرب من دفع الزكاة، كما يسهم التستر في سيطرة واحتكار بعض الجاليات والعمالة الوافدة على بعض القطاعات التجارية والصناعية. جولات متواضعة. ووصف المطرفي جهود الجهات الحكومية في مكافحة التستر بالمتواضعة جدا، فخلال الربع الأول لعام 1433ه قامت وزارة التجارة فقط بالتفتيش على 1175 منشأة تجارية في المملكة يشتبه في مخالفتها لنظام مكافحة التستر وكان نصيب فرع المدينةالمنورة النصيب الأعلى ب111 جولة بما يمثل 9.4% بينما كان نصيب فرع مكةالمكرمة فقط 8 جولات أقل من واحد في المئة 0.7%. كما بلغ عدد قضايا التستر التجاري الواردة لوزارة التجارة 500 قضية أحيلت لهيئة التحقيق والادعاء العام منها 93 قضية فقط بنسبة 18.6%، وتصدر فرع المدينة أيضا قائمة القضايا 93 قضية بنسبة 19% بينما فرع مكةالمكرمة 12 قضية فقط بما يعادل 2% وأحيلت من فرع مكةالمكرمة قضيتين تستر فقط، كما أظهرت جولات وزارة التجارة خلال الربع الأول من العام نفسه أن قطاع البناء والمقاولات تصدر أعلى نسبة تستتر بنسبة 57% وجاء قطاع المواد والسلع الاستهلاكية على المرتبة الثانية 17.5% والتجارة العامة 14% والسلع والمواد الغذائية 5% ولم يوجد ذكر للتستر في قطاع الفنادق. الثقل الفندقي وتابع المطرفي: يمكن تقدير حجم التستر في قطاع الفنادق بناء على تقارير البنك الدولي من 20-35% ومن حجم الاستثمار في قطاع الفنادق حيث توقع المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة مكةالمكرمة محمد العمري، ان يبلغ حجم الاستثمار في هذا القطاع 97 مليار بحلول عام 1441ه، حسب تصريحه، وكون مكةالمكرمة مركز ثقل للاستثمار الفندقي، فالمتوقع إذن أن يكون حجم الأموال المهجرة من التستر يراوح ما بين 19-33 مليار ريال.