كشف الدكتور عبد الباسط سيدا عضو الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة أن التوجه العام لتشكيل الحكومة الانتقالية يتمحور بضرورة أن تكون حكومة مختصرة ومصغرة، تقتصر على الوزارات السيادية والضرورية للشعب السوري. وقال سيدا في حديث ل «عكاظ» إن الائتلاف يتطلع إلى تشكيل الحكومة في مراكش خلال انعقاد مؤتمر أصدقاء الشعب السوري، أو على الأقل ترشيح رئيس هذه الحكومة، معتبرا أن الائتلاف هو برلمان سورية المقبل. وحول توحيد الفصائل العسكرية، أوضح أن الائتلاف لم يبدأ هذه المهمة، إلا أنه يدرس وبشكل حثيث إمكانية تشكيل مجلس أعلى بقيادة شخصية متفق عليها من قبل العسكريين. وفيما يتعلق بالمطالبات الفدرالية، أشار سيدا إلى أن هذه الفكرة جديدة على ثقافة الشعب السوري، لكن المطروح الآن اللامركزية الإدارية.. فإلى تفاصيل الحوار: البعض يقول إنه لا بد من تشكيل الحكومة قبل مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في مراكش في 12 ديسمبر الجاري ما هو تعليقكم؟. حقيقة، نحن في الائتلاف منهمكون في تشكيل هذه الحكومة، ومن المتوقع أن يشهد مؤتمر مراكش المرتقب ولادة الحكومة أو على الأقل تسمية رئيس الحكومة. لكن السؤال كيف يمكن أن تعيش هذه الحكومة بدون دعم المجتمع الدولي؟ كيف يمكن أن تحمي نفسها من النظام في ظل عدم توازن السلاح؟ على المجتمع الدولي تسليح هذه الحكومة حتى تدافع عن نفسها ولكي تكون قادرة للوصول إلى المواطنين، وعلينا أيضا أن نمنع النظام من الإغارة عليها وحمايته من البطش الأسدي، وهذا لا يتم إلا بالتسليح النوعي. الجميع يرغب في وجود مؤسسة تنفيذية قادرة على العمل لخدمة السوريين، لكن للأسف ما زلنا في مرحلة الوعود، وإذا امتدت طويلا سيكون لهذا نتائج كارثية. هل يمكن تحديد معالم الحكومة الانتقالية القادمة؟. من المهم جدا أن يكون رئيس الحكومة شخصية محط إجماع من الداخل، وألا تكون محدودة ومصغرة من ناحية الوزراء، أي تقتصر على الوزارات الرئيسة (الداخلية، الدفاع، الخارجية، الاقتصاد، المالية، وبعض الوزارات الخدمية والحيوية الأخرى)، كما أن هناك توجها يقضي ألا يكون على علاقة سابقة بالنظام القديم، ولن يكون هناك شخصيات من الائتلاف في هذه الحكومة. ثمة ضغوطات من أجل زيادة أعضاء المجلس الوطني السوري في الائتلاف، هل هذا صحيح؟ زيادة عدد أعضاء المجلس الوطني سيكون مفيدا للائتلاف، فالمجلس الوطني السوري كيان سياسي منظم وذو خبرة في العمل السياسي طوال الفترة الماضية، كان يعمل على توحيد جهود المعارضة، كما أن موقفه الرافض للحوار مع النظام ينسجم مع تطلعات الحراك الثوري وهو يتكون من حوالي 24 تكتلا سياسيا و32 مكونا ثوريا، فلا بد أن يعطى حجما مختلفا ومتميزا، أما الائتلاف هم شخصيات سياسية مستقلة، وبناء على ذلك، لا بد أن يكون المجلس الوطني أكبر المكونات، وهو لديه الخبرة والعلاقات الدولية. ووجود جورج صبرا إلى جانب رئيس الائتلاف معاذ الخطيب يقوي من مؤسسة الرئاسة ويدعم الائتلاف. ودعني أقول لك كيف تشكل الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، حدث ذلك بتوقيع اتفاق بين طرفين الأول (المجلس الوطني) والثاني القوى السياسية الأخرى مجتمعة. ماذا أنجز الائتلاف في اجتماع القاهرة الأول؟ تم وضع النظام الأساس للائتلاف، وطريقة انتخاب الرئيس ومدته والإطار العام لعمل الائتلاف، كما تمت مناقشة النظام السياسي، وجرى الاتفاق على أن يتم تشكيل هيئة سياسية مؤلفة من 11 شخصية، وفي تحضيرات مؤتمر مراكش سيتم الانتهاء من تسمية أعضاء الهيئة السياسية. وماذا عن توحيد الفصائل العسكرية تحت مظلة واحدة؟. حقيقة، هذا الأمر أخذ وقتا كبيرا من النقاش في الائتلاف، لكن في كل الأحوال نعمل بشكل مكثف من أجل توحيد المجالس العسكرية ضمن إطار مجلس عسكري أعلى، لكن أريد أن أكون واضحا في هذا الشأن، لم نتخذ إجراءات عملية على أرض الواقع، وهناك أسماء كثيرة مطروحة لتولي القيادة العسكرية العامة منها، اللواء ورجل الفضاء محمد الفارس واللواء محمد الحاج علي، لكن هذه الأسماء تخضع لرغبة العسكريين الآخرين في النهاية. وهل ستكون المجالس العسكرية تحت مظلة الائتلاف؟. لن تنضم إلى الائتلاف، ما سيجري أن الائتلاف سيشكل الحكومة، ووزير الدفاع في هذه الحكومة سيتواصل مع المجالس العسكرية، أما الائتلاف هو بمثابة برلمان مرحلي. هناك اتهامات متكررة حول محاولة الإخوان المسلمين السيطرة على المجلس وكذلك الائتلاف، ما تعليقكم؟. الإخوان المسلمون قوى أساسية في المجلس كغيرهم من القوى الأخرى.. وهم قوة منظمة وفاعلة، ولا أعتقد أن هذه الاتهامات في محلها، فنحن الآن في صدد إسقاط النظام ولا نريد الدخول في مسرحية اتهامات متبادلة. ما هي مهمة الائتلاف الوطني بعد سقوط النظام؟. قبل ذلك، لا بد من توضيح أمر معين، وهو أن مهمة الائتلاف الوطني إسقاط النظام في الدرجة الأولى، وهذا محط إجماع ونقطة أساسية. أما في مرحلة ما بعد الأسد، فالائتلاف مرحلة مرور وعبور إن صح التعبير، وهو بمثابة برلمان للمرحلة المقبلة، وسيعمل على تشكيل حكومة انتقالية ثم كتابة الدستور. وهل هذا الأمر ذاته مهمة المجلس الوطني السوري أيضا؟. المجلس الوطني تكتل سياسي مستقل متحالف مع الائتلاف بنسبة 40 في المئة، ولديه مشروعه السياسي الخاص. ولن يكون برنامجه إلا مستقلا ومتمايزا عن الآخرين. كان المفترض أن يحسم المجلس الوطني الكردي أمره وينضم للائتلاف وتعيين نائب من كتلتهم في الائتلاف، ماذا حدث؟. المجلس الوطني الكردي من المفترض أن يتخذ قراره بنفسه، وهناك رغبة كردية للانضمام إلى الائتلاف. لكن حتى الآن لم تتبلور هذه الرغبة، والائتلاف ينتظر منهم انتداب نائب. بحكم أنك كردي ورئيس مجلس وطني سابق، والتقيت رئيس كردستان العراق أكثر من مرة من أجل حل الاقتتال الكردي الكردي في المناطق الشمالية السورية، ما هي النتائج التي حققتموها في هذا الإطار؟. لا أخفيك أن لدينا مخاوف مما يجري في المناطق الكردية، وتواصلنا مع كل القيادات الكردية والعربية وكذلك الجيش الحر وحتى مسلحي الاتحاد الديمقراطي الكردي (pyd) التابعين لحزب العمال الكردستاني، وفي كل مرة يؤكدون حرصهم على إسقاط النظام، وهو كلام نظري لا يترجم على أرض الواقع، ونحن نخشى أن تؤدي تصرفات (pyd) إلى نزاعات كردية، وهذا ما يريده النظام. وماذا عن تطلعات الأكراد الفدرالية؟. المجلس الوطني السوري ينظر إلى القضية الكردية من خلال الوثيقة الوطنية التي أعدت في أنقرة، ومن منطلق الدولة السورية، فالمطالبات بالفدرالية توجه جديد على المجتمع السوري، وهو غير مهيأ لمثل هذه الأفكار، من الآن نتحدث عن لامركزية إدارية في المناطق الكردية وفي المناطق الأخرى أيضا، فهي تجربة ناجحة وعملية، فيما بعد يمكن مناقشة مسألة الفدرالية. العالم متشوق للحظة سقوط الأسد، هل هناك جدول زمني لتحقيق ذلك؟. المعركة مع النظام ليست سهلة، وفي كل يوم نكتشف بعدا جديدا، ومن الصعب تحديد وقت سقوط النظام، لكن أستطيع القول إن المرحلة الانتقالية بدأت في سورية، ونحن نعمل على ما بعد هذه المرحلة، هناك مناطق محررة ومجالس محلية فاعلة وعلينا أن نملأ الفراغ بحكومة، هذه هي المرحلة الانتقالية التي نتحدث عنها، النظام بات وراء ظهورنا، لكن المهمة الصعبة: كيف نبني ما دمره الأسد، هذا الذي يشغلنا.