تصاعدت الأزمة السياسية في مصر مؤخرا بصورة أسفرت عن انقسام سياسي غير مسبوق، حيث وضح تبلور وتماسك تحالف الأحزاب الإسلامية الذي ضم الإخوان المسلمين والقوى السلفية في مواجهة تكتل القوى الليبرالية والمدنية التي تنضوي تحت ما يسمي بجبهة الإنقاذ الوطني. ولا شك أن الأزمة ارتبطت أساسا برفض هذا التكتل الأخير للإعلان الدستوري الأخير، الذي حصن به الرئيس قراراته، وكذلك الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشورى من أي قرارات قضائية لإلغائها أو حلها، ورفض كافة الهيئات القضائية لهذا الإعلان الدستوري، إلا أن الرئيس لا يزال يرفض أن يتراجع عنه حتى الآن، وحدد يوم 15 ديسمبر موعدا للاستفتاء على الدستور الذي لا تزال قوى المعارضة ترفضه، وقد قامت الجماعات المؤيدة للرئيس بمحاصرة مبنى المحكمة الدستورية العليا للحيلولة دون عقدها الجلسة التي كان مقررا أن تصدر حكمها الخاص بالجمعية التأسيسية ومجلس الشورى في سابقة لم تشهدها مصر من قبل. ومن الملاحظ أن تحالف الأحزاب الإسلامية قد حرص خلال تظاهراته على نقل الخلاف مع القوى المعارضة بعيدا عن القضايا السياسية الخلافية وتركيزها على قضية تطبيق الشريعة في محاولة لكسب التأييد الشعبي وتحويل الأنظار عن الإعلان الدستوري ذاته. ولا تزال القوى المعارضة تهدد بحشد مئات الآلاف اليوم الثلاثاء والزحف إلى القصر الجمهوري ومحاصرته، وتهدد القوى الإسلامية بحشد أنصارها لحماية القصر الجمهوري، وهو ما يخشى معه من زيادة حدة الاحتقان والمواجهة، ولا شك أنه من الواضح عدم وجود نية لدى الرئاسة للتراجع عن الإعلان، اعتمادا على أنه بعد الاستفتاء على الدستور سيسقط الإعلان تلقائيا، ولا يكون هناك مبرر للمعارضة، وأن يتم طبقا لذلك تحصين لجنة إعداد الدستور وما صدر عنها، وكذلك تحصين مجلس الشورى وعدم حله، وإقرار الدستور بما يتضمنه من مواد لا يزال بعضها مثار خلاف مع القوى السياسية الأخرى، وهو ما يعني استمرار الأزمة السياسية وعدم حلها، الأمر الذي سيلقي بظلاله على الحياة السياسية المصرية، والعلاقة بين القوى السياسية التي كانت تقف في صف واحد خلال ثورة ال25 من يناير باتت اليوم على خلاف حاد وباعدت بينها المواقف السياسية.