أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز مساعد وزير البترول والثروة المعدنية، رئيس اللجنة المعنية بإعداد البرنامج الوطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، أن ارتفاع معدل كثافة استهلاك الطاقة في المملكة بشكل كبير جدا في السنوات الخمس والعشرين الماضية، مقارنة مع الدول المتقدمة التي تنخفض فيها هذه المعدلات، يعني أن المملكة تحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة للحفاظ على المعدل نفسه من الناتج الوطني. وقال في كلمة ألقاها في منتدى الطاقة المقام في الرياض «إن المملكة لا تستطيع تجاهل هذا الوضع الذي قد تكون له آثار ونتائج سلبية على الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة. لذلك علينا أن نعمل على ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة المحلية، بوصفه واجبا وطنيا على الجميع، يجب المبادرة في تفعيله، وعدم تأجيله، حيث إن المملكة ملتزمة بجميع مسؤولياتها من ناحيتين، الأولى: مسؤوليتها تجاه الأجيال القادمة بالمحافظة على هذه الموارد البترولية التي وهبنا إياها العزيز الكريم، عن طريق الاستخدام الأمثل للطاقة، والناحية الثانية: مسؤولياتها تجاه العالم أجمع، لكون المملكة تعد أكبر مصدر للنفط عالميا، ما يجعلها باعثا للاستقرار والطمأنينة في أسواق البترول العالمية». وأضاف سموه أن استهلاك المملكة الحالي للطاقة فيه هدر كبير في جميع قطاعات الاستهلاك الرئيسة. فعلى سبيل المثال، يستهلك قطاع المباني ما يقارب من 80 في المئة من إنتاج المملكة من الكهرباء، منها 70 في المئة تستهلك في التبريد فقط، ففي تبريد المباني هدر كبير للطاقة؛ وذلك بسبب انخفاض معامل كفاءة أجهزة التكييف المسموح به في المملكة اليوم، كما أن معظم المباني لا يوجد فيها عزل حراري، بالإضافة إلى عدم إلزامية تطبيق كود البناء السعودي على المباني الجديدة ما يؤدي إلى تزايد كمية هدر الطاقة. كما أنه في قطاع المواصلات يوجد اليوم ما يقارب تسعة ملايين مركبة تسير على طرقات المملكة، علما أن معدل زيادة المركبات يتراوح بين 4 و 5 في المئة كل عام. وللأسف فإن متوسط اقتصاد الوقود لأسطول المركبات في المملكة متدنٍ جدا مقارنة مع الدول المتقدمة. وتناول سموه مبادرات وزارة البترول والثروة المعدنية في هذا المجال، ابتدءا من المشاركة في البرنامج المؤقت لترشيد الطاقة الكهربائية عام 2003م، إلى مرحلة إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة. وأوضح أنه يجرى حاليا إعداد مشروع برنامج وطني شامل لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة في المملكة، تقوم بإعداده لجنة فرعية مكلفة من اللجنة الإدارية لإدارة المركز السعودي لكفاءة الطاقة. وأشار سموه إلى أن مفهوم التنسيق والتعاون بين أعضاء هذه اللجنة يعد جزءا أساسيا من عملها، كما أن جميع الجهات المعنية لديها أعضاء في الفرق الفنية التي تم تشكيها من قبل اللجنة، ويعمل بها ما يقارب خمسين مختصا، يمثلون أكثر من عشرين جهة، يعملون بشكل يومي لإعداد البرنامج وآليات تنفيذه. وأشار سموه إلى أن البرنامج يركز في الوقت الحالي على أهم ثلاثة قطاعات رئيسة، يمثل استهلاكها أكثر من 90 في المئة من إجمالي استهلاك الطاقة المحلي، وهي: قطاع المباني، والمواصلات، والصناعة، حيث تم عقد جلسات عمل أسبوعية للفرق الفنية، وتنفيذ ورش عمل مع شركات القطاع الخاص الدولية والمحلية والجهات الحكومية لتقييم إمكانية تطبيق مبادرات البرنامج في المملكة، وإجراء دراسات مع أبرز الخبراء الدوليين في هذا المجال، بما في ذلك إجراء دراسة حول الوضع الحالي لقطاع البتروكيماويات وصناعة الأسمنت، ومعايير استهلاك الوقود في المركبات. وتختص المرحلة الثانية الجاري تنفيذها، بوضع آليات لتنفيذ البرنامج، وفيها يتم حساب التوفير الناتج عن كفاءة الطاقة في كل قطاع، واستحداث مبادرات مفصلة بالعوامل الممكنة والمساندة للوصول إلى أعلى كفاءة لاستخدام الطاقة. وستنتهي هذه المرحلة عند إقرار اللجنة الإدارية للمركز السعودي لكفاءة الطاقة للبرنامج، شاملا أدوار ومسؤوليات الجهات الحكومية المعنية وفق اختصاصاتها، وخطة تطبيق مفصلة يتم مراقبتها من قبل الجهات المشاركة في وضعها لضمان نجاح البرنامج، ومن المؤمل أن يصدر البرنامج كنظام يتضمن آليات لتحديثه كل ما دعت الحاجة إلى ذلك. واختتم بالقول إنه وعلى الرغم من أن البرنامج لا يزال في مرحلة الإعداد، فالإنجازات الأولية بدأنا في تلمسها عبر تفعيل مبادرات سريعة لترشيد استهلاك الطاقة في كافة القطاعات المختلفة. فعلى سبيل المثال، ستقوم الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة باستكمال اللازم للموافقة على خطة زيادة مستويات معامل كفاءة طاقة المكيفات، ومن المتوقع أن يؤدي هذا الإجراء إلى تحقيق وفر ملموس للطاقة في قطاع المباني. وما هو ثابت، وعبر تجارب الدول الأخرى، فإن رفع كفاءة استخدام الطاقة يزيد من مستوى الرفاهية الاجتماعية؛ وذلك من خلال إيجاد مزيد من فرص العمل، وتحسين الإنتاجية الصناعية، وتوفير تكلفة الطاقة على المستهلك.