يأتي قرار لجنة الحوار الوطني باعتماد خمسين في المائة للتمثيل الجنوبي من قوام المشاركين في الحوار تجسيدا عمليا لرغبة جامحة ومتفق عليها بين فرقاء العملية السياسية وعلى مناقشة هذا الملف بكل تفرعاته وإشكالاته السياسية، في واحدة من مراحل المكاشفة الوطنية من جهة وإعطاء البعد الجغرافي الأهمية القصوى والمطلقة، كون التأجيل في قراءة وتحليل القضية الجنوبية قد أوصل بعض قاداتها إلى التطرف واعتبار فك الارتباط أساسيا على حساب هوية وتاريخ وجغرافية الشعب اليمني ونضالاته الطويلة، وقفزا على الواقع وتبعاته السلبية على الجنوب خاصة وعلى اليمن بشكل عام. إن الاتفاق على أن هناك مظالم نالت اليمنيين جميعا، في محافظات، ونال الجنوبيون قسطا وافرا فيها بحكم التركيبة السياسية والاجتماعية، هو بداية الحل الوطني العادل في إطار الوحدة أيا كان الشكل السياسي المقترح للدولة الجديدة في مرحلة بما بعد التغيير بمحولاته النفسية والسياسية. لذلك، فأمام لجنة الحوار ملف صعب يتعمق يوما إثر آخر، وشكلياته تصبح أكثر التصاقا بالواقع وجزءا من المعادلة الوطنية المطلوبة بأن تكون أكثر توازنا بين كيمياء الدولة وحيوية كل عناصرها، والمظلوميات الطارئة على المستوى الشخصي والعام، ويجب ألا تكون ممارسات الأفراد في مراحل سياسية واجتماعية بائدة طريقا يؤدي إلى تهيئة الوطن للانهيار، ومشاركة خمسين في المائة من المحافظات الجنوبية في الحوار دليل على جدية المرحلة وحيويتها وصولا إلى وطن تسوده العدالة والمساواة والوحدة، لكي يصل اليمن لبر الأمان وينعم الجميع بالأمن والاستقرار بعيدا عن التجاذبات السياسية والصراعات الداخلية. وفي نفس الوقت يتم تنفيذ ما تبقى من بنود المبادرة الخليجية التي شكلت طوق نجاة لليمنيين.