حين تختار مؤسسة الفكر العربي هذا العنوان لمؤتمرها السنوي الذي بدأ يوم أمس في دبي فإنها تضع يدها على المشكلة الأساسية الكبرى التي أوصلت العالم العربي إلى ما هو عليه من كل أشكال التخلف وانحطاط كل مؤشرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية، التي جعلت الفرد العربي يرزح تحت وطأة معاناة ثقيلة سلبته إنسانيته وأسقطته في هاوية الإحباط والكآبة.. العلاقة غير السوية بين الحكومة والمواطن في البلدان العربية نشأت لأن مفهوم الدولة بعيد عن التعريف الصحيح للدولة، ولأن مفهوم المواطن لدى الدولة مشوه ولا صلة له بالمعنى الحقيقي للمواطنة.. الحكومة إما تمثل كابوسا للمواطن في بعض الدول العربية بسبب سطوتها وسلطويتها الجائرة وقمعها الممنهج ومصادرة حرياته وحقوقه، وتحويله إلى كائن خائف يمشي بجانب الحائط خوفا من البطش، يبحث عن لقمة عيش لا يجدها إلا بصعوبة بالغة، بينما الدائرة الضيقة للسلطة وأعمدة حزب السلطة يعيشون حياة الأباطرة، ولا يستحون من التشدق بأنهم وصلوا إلى السلطة باختيار الشعب وأنهم يعملون من أجل الشعب وفق مقتضيات الديموقراطية، وحين يستمرون في الحكم عشرات السنين فلأن الشعب لا يرضى عنهم بديلا.. هذا التزييف الطويل والقهر الثقيل هو ما فجر الأوضاع وجعل الشعوب تتمرد في النهاية على جبروت الذل وتبحث عن الحرية وتدفع الحياة ثمنا لها.. وفي الجانب الآخر، هناك دول لا تعاني من مثل هذا الحكم الشمولي المرعب، دول تتصف حكوماتها، أو أنظمتها على الأصح، بشكل واضح ومفهوم من أشكال الحكم لدى المواطن الذي لا توجد لديه أزمة جذرية مع المؤسسة الحاكمة، ولا يعاني من مشكلة سياسية جوهرية معها، او احتقان في العلاقة، بل إنه يرتضيها ويؤيد وجودها واستمرارها ليس خوفا ولا رضوخا لترهيب، وإنما لأنها علاقة تأريخية ارتضتها الأجيال المتلاحقة. المشكلة في هذه الدول ربما يمكن تلخيصها في بعض الجوانب التي تتمثل في التطلع إلى المساواة في الحقوق دون تمايزات مناطقية أو عرقية أو قبلية أو طائفية أو مذهبية، بحيث إن كل من يحمل هوية الوطن له نفس الحق الذي يحمله الآخر، أيا كان هذا الآخر، إذ لا يوجد منطق في المطالبة بتساوي الواجبات على الجميع بينما الحقوق يشوبها شيء من الانتقائية. المواطن في هذه الدول يطمح إلى مزيد من المشاركة في صياغة حاضر ومستقبل وطنه، ويريد لصوته أن يكون مسموعا أكثر ومؤثرا أكثر في كل قرار يعلي من مكانة الوطن. يريد أن تكفل له إمكانات وطنه حياة كريمة، وأن تتقلص الفجوة بين القلة التي تملك كل شيء والكثرة التي تملك أقل الأشياء، وهذا ممكن جدا ومطلب طبيعي ومشروع جدا.. كل الأزمات يمكن أن تختفي حين يتم تصحيح العلاقة بين المواطن والحكومة في أي زمان أو مكان.. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة [email protected]