أكدت الدكتورة السعودية حياة سندي «عالمة» علم الأدوية، التي صنعت تفوقا علميا على مستوى العالم، أضحت معه من النساء القلائل اللاتي نلن شهرة عالمية واسعة مطلع الألفية الثالثة، أن تفوقها العلمي المبكر لم يبدأ معها في معاهد أجنبية، وإنما حققته في رحاب المدارس الحكومية في الرياض التي نهلت منها مبادئ العلم الحديث. وقالت في الحوار الذي أجرته معها «عكاظ»: «دراستي الابتدائية في الرياض كانت من أمتع الأيام، ومعلماتي الرائعات أعطينني حب القيادة والعلم، وكن دائما يتنبأن لي بمستقبل زاهر، فأعطينني هذا المناخ الخلاق الجميل». وأضافت سندي أن «معهد التخيل والبراعة الذي سيتم افتتاحه مساء اليوم ( أمس) الجمعة سيكون فريدا من نوعه على مستوى المنطقة، وسوف يشترط حصول الراغبين الالتحاق به على شهادتي الماجستير والدكتوراه»، لافتة إلى أن أهم أهداف هذا المعهد سيكون خلق بيئة عمل عربية جاذبة للعقول النيرة، والحد أو على الأقل التقليل من هجرتها إلى خارج الوطن العربي.. فإلى نص الحوار : من هي حياة سندي ؟ هي شابة طموحة عندها قيمة الإنسان بقيمة العطاء. ما دور والدك في وصولك لهذه المرتبة من النجاح والتفوق على مستوى العالم؟ سأذكر لك قصة كلما أتذكرها تبكيني أنه عندما كنت صغيرة كان أبي يحط يده فوق لوحة العدس على اللاصق بدل ما يضع عدسة واحدة يأخذ معه في أصبعه ثلاثا أو أكثر في كل محاولة فبكيت وذهبت لأنام، وهو كان يحاول مساعدتي والبيت اللي بنيته صغير وإصبعه تعتبر كبيرة، قمت في الصباح عند الخامسة والنصف للذهاب للمدرسة لقيت لوحة كبيرة صنع بها الكوخ من العدس فكانت روعة من الجمال سهر عليها وخلصها لي، حيث كان والدي يحب الفنون وهذه الأشياء، نظر في وجهي ضاحكا ورحت المدرسة وأنا مبسوطة لأني الوحيدة بين الطالبات جبت لوحة كبيرة لقد كنا صغارا على قدنا أعمالنا في ثاني ابتدائي وهو عملها كبيرة عشان خاطري وكانت في منتهى الجمال، أقول ذلك لكي أدلل أن حنان الأب وتفهمه يصنع أبناء ناجحين والعكس صحيح. ما رسالتك في الحياة التي تعتقدين أنك تكرسين جهودك لتحقيقها لوطنك والبشرية؟ رسالتي للبشرية فقط كيف أخصص العلم وأجد له اثرا ملموسا بشكل كبير لكل إنسان في العالم. ما أبرز التجارب التي مرت بها حياة سندي؟ أبحاثي أكثر من سبعة المتميزة ثمانية أبحاث من الأشياء التي أبهرتني عندما كنت في المستوى الثاني بالجامعة في تخصص علم الأدوية أنها اختارتني من بين جميع الزملاء، لكي أقوم بتأسيس مركز الأبحاث، لم أكن متوقعة أنا الطالبة بالصف الثاني جامعة يوكل لي تأسس هذا المركز على أساس أخذ عينات الدم وأعمل عليها أبحاثا، بحيث أذهب كل أسبوع في غرفة يتواجد فيها أطباء ومستشارون ليسمعوا مني توجيهات، طبعا طبيعة تعاملهم معي كانت كخبيرة، وكلهم جاءوا متعطشين للسماع، ومع أنهم مؤلفون لكتب وعظماء العالم يتعالجون عندهم، إلا أنهم بتواضعهم يجلسون معي ويتفاهمون معي، ومنهم من طلب أن أدربه معي، فيتدربون على يدي، وكنت مذهولة من طريقة تواصلهم معي وطريقة حبهم للعلم التي كسرت الحواجز بيننا. كان واضحا أنه ليس هناك غرور أو كبر أو عمر أو جنس، والمنزلة ألغوها، وهؤلاء كلهم يحملون درجة بروفسور في الطب، وليس شيئا عاديا وجلس معي في اللوبي ويتعلم ويضع المكونات، وكيف أعمل الأشياء، وهذا جعلني أكثر معرفة لماذا يشعر بعض الناس عند نيلهم لدرجة الدكتوراه أنهم عملوا كل حاجة وحصلوا على كل شيء، غير عالمين أنه كلما تعلم الإنسان كان من المفترض أن يتواضع أكثر، وفي طلب العلم كل شيء يتلاشى ولا يبقى إلا الجوهر. بين علم الصيدلة وعلم الطب هناك شفرة علم الأدوية.. لماذا برأيك أكثر الناس لا يميلون إلى دراسة علم الأدوية؟ عندنا الطلاب يميلون لعلم الطب وعلم الصيدلة، ويبقى بينهم علم الأدوية، فهل يعزفون عنه لأنه صعب لأنه علم يفتح آفاق جميلة جدا لأنه يعرفك على تركيبة الإنسان الفيسيولوجية ويعرف تركيبة الدواء عليها ويدرس بين الاثنين الأعراض الجانبية للدواء وما هي تركيبته، وتفاعله مع الأعضاء ومع الأدوية الأخرى، وأتمنى قيام كثير من البنات بدراسة هذا العلم. البكالوريوس في علم الأدوية والماجستير نلتها فخرية؛ لأن تخرجي بتفوق من البكالوريوس، وهذا من جامعة كامبردج عندما تتخرجين من الجامعة بتفوق يعطونك الدكتوراه مباشرة، وبعد ذلك منحت لي فخرية، وكانت رسالتي في الأجهزة الكهرومغناطيسية والمغناطيسية، وممكن تطبق الأدوية عليها، وعملت في هذا المجال نظرية جديدة فتحت نافذة للعلماء ليعرفوا ويفهموا النظريات الكهرومغناطيسية في هذا المجال. وأنا على سبيل المثال اخترت هذا العلم لأنه من العلوم الرائعة، وهو الأول هو طبعا أي مركز طبي في العالم وأي مستشفى لا بد أن يكون فيه مركز أبحاث حتى الطلبة الذين يدرسون الطب يحتاجون هذا المركز، فالطبيب الناجح هو الطبيب الذي يداوم على الأبحاث في نفس الوقت حتى يكون تشخيصه أفضل وتطلعه أفضل للأمور، والناجحون هم المشتركون دائما مع الأبحاث. من خلال مشروع التشخيص للجميع الذي شاركت في إنشائه لتحسين الخدمات الصحية في دول العالم الثالث، كيف تجدين تعامل زملائك في المشروع معك كأول امرأة عربية في هذا المشروع الأممي الإنساني؟ زملائي ينظرون لقدراتي، ولا يفرق معهم الشيء الظاهري، وطبعا أنا كنت رائدة المشروع ورئيسة الفريق، ومضينا يدا بيد كفريق متكامل يضع المحاور وباحترام متبادل حتى استطعنا إنجاز هذا الانتصار، وبالتالي فزنا بالمسابقة الأولى كأحسن جامعتين في العالم في نفس السنة، فقالوا: الحمد لله، نحن دخلنا التاريخ. ماذا يعني وجودك ضمن قائمة أقوى نساء الأرض وتعيينك سفيرة للنوايا الحسنة في الأمم المتحدة؟ تعييني هذا كان شيئا يتماشى مع دوري في الحياة، واعتقد أنني سفيرة للإنسان من يوم أحببت أن أعمل في الأبحاث التي تخدم البشرية، فالإنسان في كل سنة هو سفير، وهذا المنصب جاء مكملا لرسالتي في الحياة ورسالة اليونسكو، كوني أول امرأة سعودية تحتل هذا المنصب، فأهديه لكل امرأة سعودية، وأقول لها: أنت اخترت لعقلك وقدراتك لأنني اخترت سفيرة للنوايا الحسنة للعلوم. ماذا أضافت لك الجوائز العالمية، وكيف كان وقعها على قلبك ووجدانك؟ ولماذا باعتقادك لا يجد الناجحون العرب التكريم الملائم في أوطانهم؟ التكريم والجوائز لها فرحة في القلب بلا شك، عندما تحسين أن جهودك تقدر، ولكن ليس هذا الطموح؛ لأن هناك عظماء وعلماء أفنوا أعمارهم في خدمة البشرية، ولا أحد سمع عنهم هنا. الإنسان يظل يتساءل عن رغبته في الحياة، وما مقياس رضائه عن عمله، هناك من يأخذ جوائز ويكون غير مستحق لها، فهل هو راضٍ عن هذا العمل، وهذا يعود للإنسان ومرجعيته. وهنا أجد أن المسؤولية منحتني حافزا لكي أتفانى وأتطور أكثر، والإنسان عندما يعمل بإخلاص هو لا ينظر للمنصب والجائزة، فكلما تعطي أكثر تزداد قيمتك أكثر، وقيمة الإنسان في قيمة عطائه. تدشينك لمعهد التخيل والبراعة في جدة سيحسن من بيئة العمل العربية في مجال العلوم والتقنية المتقدمة التي لا تزال طاردة للكوادر العلمية المؤهلة للأسف الشديد.. ما المعايير التي سيتم اتخاذها لاستقطاب الكوادر العاملة في المعهد والطلاب؟ فكرة المعهد الذي يتأسس اليوم هو خلق البيئة المناسبة لرواد الأعمال من العلماء والمبتكرين في الهندسة والتكنولوجيا، ونسخر لهم البيئة المناسبة والبرامج المتخصصة؛ حتى يجدوا فرص العمل وشركات مبنية في خدمة المجتمع والمنطقة. والمعهد فريد من نوعه يعمل هذه المبادرة؛ لأن ثقافة المستثمر في بناء مشاريع تقوم على العلم، والابتكارات صعبة جدا. لأن هناك فجوة كبيرة بين الثقة وعدم المجازفة. أما بالنسبة للمعايير، فنحن نختار بدقة جودة الأفكار التجارية، وهناك خمسة عوامل رئيسية لنجاح هذا المركز هي الجودة ما هي الأفكار التي نختارها بأن تكون تجارية لها دورها في المجتمع، ثانيا: الابتكارات التي تقدم للمعهد تكون مسجلة عليها براءات اختراع، وهذا يحافظ عليها وعلى أساس يكون المخترع حقيقة، ثالثا: نختار البرامج التي تتعاون مع جامعات عالمية مثل هارفرد ومنظمات أخرى عالمية لتصميمها خصيصا لإفادة منطقة الشرق الأوسط، وطبعا شبكة الدعم القوية للمدربين والموجهين، ومن أهم العوامل أن يكون لديك موجه ومدرب ومن أساس نجاح أي شركة ليعطوهم الارشادات والتوجيهات التي تجعل المبتكر ورائد الأعمال يحقق نجاحا عبر شركته. والعوامل المهمة بالنسبة لنا أن نكون في كل المراحل في معهد الآي تو ومعرض التخيل والبراعة، والبرامج سوف تقدم الجودة والكفاءة في التقديم والتنفيذ، وشروط التقديم أن يكون لدى من يجد في نفسه الرغبة في ذلك ماجستير أو دكتوراه. هل تعتقدين أن الظروف أصبحت مواتية للمرأة العربية لارتياد مجال العلوم بقوة؟ أثبتنا أن لدينا شخصيات رائعة في المجتمع قوة وثباتا، وعندما خرجت منا سفيرة للنوايا الحسنة هذا يعني أن المرأة السعودية قادرة مثل أي امرأة في العالم. أنت أول خليجية تحصل على شهادة الدكتوراة في الكيمياء الحيوية.. ألم تكوني متخوفة من ارتيادك لهذا المجال العلمي الشاق؟ بالعكس، كان ممتعا وشيقا؛ لأنه مجال فيه من التحديات والتساؤلات والابتكارات الجريئة، ولا بد من إلمامك بمثل هذا الاختصاص من العلوم حتى تطبقي، وفيه تحديات ومغامرة، والتحدي مثلا أن اخترع جهازا للسكري.. هذا شيء في البيلوجي، ولا بد أيضا أن تكوني ملمة بالهندسة وعلم الفيزياء وعلم الكيمياء الفيزيائية، وهذه علوم لا بد أن تكتسبيها بنفسك، فيه تحد لقدراتك ومدى استيعابك وشمولك بالأمر. البعض يستبعد أن يكون تفوقك جاء نتيجة لتطور منظومة التعليم في المملكة، ويعيد ذلك إلى جهودك الشخصية فقط.. ما تعليقك على ذلك؟، وكيف تنظرين لمستقبل التعليم في المملكة في ضوء غياب المناهج المتطورة التي تواكب روح العصر؟ كل مرحلة من حياة الإنسان لا بد وأن يمر بتأثير معين فيها.. دراستي كانت في المدارس الحكومية بالرياض، ومن أمتع الأيام، ومعلماتي رائعات أعطينني حب القيادة والعلم، ودائما كن يتنبأن لي بمستقبل زاهر، فأعطينني هذا المناخ الخلاق الجميل، وتربيتي ونشأتي الدينية في البيت غرست في حب العطاء وحب الإفادة لبلدي، والمرحلة الثانية في بريطانيا أعطتني فرصة لأتعلم في أحسن جامعاتها، والمرحلة التي بعدها في أمريكا أعطتني فرصة للتطبيقات، وهذا كون شخصية حياة حياة سندي. وبلا شك أن نبتة حياة سندي هنا في السعودية هي التي جعلت حياة سندي تختار العلوم التي تخدم البشرية.