من الطبيعي أن تكون الطبقة الغنية هي الأقل نسبة في أي دولة، وإنما يتأتى الفرق في الطبقة الوسطى والفقيرة، حيث تمثل الطبقة الوسطى الأكثرية في الدول التي ينمو اقتصادها بشكل طبيعي، فهي المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي، ولذا تصل نسبتها في الدول الصناعية المنتجة مثل ألمانيا والدنمارك والسويد إلى حوالى 90%. وقد أشارت الدراسات مؤخرا إلى تآكل الطبقة الوسطى في المملكة، فيما ازدادت نسبة الطبقات المحدودة الدخل إلى 60%، وهذا نذير تدهور وانحطاط في مجالات عدة؛ لأن الطبقة الوسطى هي التي تسير حركة الحياة بطريقة يصعب شرحها في هذه العجالة، وتذكر التقارير أن الطبقة الوسطى وصلت لدينا إلى 30%، بينما تصل في دول أخرى تشابه ظروف المملكة إلى 60% وأكثر. ولا شك أن لذلك أسبابا عِدة، منها: ازدياد أعداد البطالة. ومنها: ضخامة العمالة الأجنبية (تزيد على 8 ملايين عامل)، تهاجر معهم نحو 30 مليار دولار سنويا خارج البلاد. ومنها: الامتلاك الأجنبي للمحلات التجارية والمهنية ونحوهما، وإن كانت ظاهرا بأسماء سعوديين. ومنها: ارتفاع العقار ارتفاعا كبيرا نتج عنه ارتفاع في الإيجارات، في بلد أكثر سكانه لا يملكون سكنا لهم. ومنها: أن مجتمعنا ليس من المجتمعات المنتجة، وإنما يعتمد اقتصادنا على الدخل الريعي (النفط) فقط. ومنها ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية ارتفاعا مجنونا، ولم يواكبه ارتفاع في الدخل يتناسب مع هذا الارتفاع، في حين وقفت جمعية حماية المستهلك، ووزارة التجارة، عاجزة عن التصدي لذلك. وقد جاءتني سابقا دعوة على «الفيس بوك»، بطلب مقاطعة الدواجن ومشتقاتها نظرا لارتفاع أسعارها، فانضممت إليهم جبرا للخواطر، ثم جاءتني بعدها بأيام دعوة أخرى بمقاطعة اللحوم الحمراء لارتفاع أسعارها، فألحقتها بسابقتها، ولم يبق لي إلا السمك والتونة، وأخشى أن تأتيني دعوة بمقاطعة الأسماك ومشتقاتها لذات السبب، ويقولون: جرب أن تكون نباتيا.. المهم هذه مشكلة أضعها بين يدي أصحاب القرار، والمنظرين، وأعضاء مجلس الشورى، وجهاز حماية المستهلك، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، ووزارة التجارة، وغيرهم من الجهات ذات العلاقة. والحلول في ذلك كثيرة، إذا صاحبها الإخلاص والصدق في العمل، مع التجرد عن المصالح الشخصية، وأن يعطى القائمون على ذلك صلاحيات واسعة.