ولدت هشة وأقرب للموت الذي كان هو مصيرها الطبيعي في اليوم الأول لسريانها، تلك الهدنة التي سعى إليها وجاهد في سبيلها كثيرا الأخضر الإبراهيمي ليس من أجل أن ينعم الشعب السوري بفرحة العيد وبهجته كالآخرين ولكن ليستطيع التقاط أنفاسه المتقطعة وليدفن موتاه وليسمع أنين جرحاه الذي غطى عليه أزيز الرصاص منذ العامين إلا قليلا . اللغة التي سادت خطاب الموافقة على الهدنة من قبل الجيش السوري النظامي والجيش الحر كانت تشي بمعركة حامية الوطيس خلال تلك الأيام التي يفترض أن تكو أيام فرح، وما حتم موت هذه الهدنة في مهدها هي البيانات التي أصدرتها بعض المنظمات المقاتلة على الأرض السورية والتي تسمي نفسها بالجهادية والخارجة عن سيطرة الجيش الحر بل التي تستعد لخوض معركة طويلة معه بمجرد سقوط بشار. السيارات المفخخة التي انفجر بعضها في الأجساد الطرية لأطفال اللاذقية الذين خرجوا للبحث عن العيد من بين الركام، هذا السلاح القذر يعيد للأذهان ما سبق أن صرح به مسؤول في جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة التي أعلنت تمردها على الهدنة عندما قال إن سلاح المفخخات لم يستخدم بعد وأنه ينتظر الوقت المناسب، ويبدو أنهم لم يجدوا أنسب من يوم العيد زمانا وأجساد الأطفال مكانا. هذا الانفلات الأمني المخيف للوضع على الأرض، يؤكد ما حذر منه الشيخ عدنان العرعور عراب الثورة السورية الذي أصبح في مواجهة سهام التطرف في سوريا وخارجها منذ أن قال إنه يرفض دخول الأراضي السورية من غير السوريين للمشاركة بالثورة المسلحة التي ستنتهي بالصوملة أو الأفغنة.. إرادة الشعب السوري تحاصر بين كماشتي استبداد السلطة ودموية الإرهاب، لكن إرادة الشعوب لا تقهر.. هكذا يقول التاريخ.