ما المقصود بكلمة (المحاجة) لغويا ؟، جاء في المعجم الوسيط: (حاجه) محاجة، وحجاجا: جادله. وفي التنزيل العزيز : ( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه). فالمحاجة هي جدل باطل صادر من ممار في الحق لا يقدر الأمور حق قدرها.. أما الفعل (احتج) عليه: «أقام الحجة. واحتج عارضه مستنكرا فعله». و(تحاجوا) أي: «تجادلوا»، وقد ورد هذا الفعل في قوله تعالى: (هآنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجونني فيما ليس لكم به علم ... الآية). فالاستغراب والإنكار ظاهر على حجاج أهل الكتاب في إبراهيم عليه السلام وقد أنزل الله تعالى التوراة والإنجيل بعده، فهو حجاج الذين لا يعقلون. وفي آية المباهلة دعا النبي صلى الله عليه وسلم كفار قريش إلى الملاعنة حينما بالغوا في في محاجته، قال تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ). إنه المراء في الحق الذي نصت عليه الآية السابقة: (الحق من ربك فلا تكن من الممترين). ولم تلب قريش الدعوة لأنها تعرف صدق محمد صلى الله عليه وسلم. وحينما نتأمل فعل (نبتهل) نجد أدب الحوار حتى مع المعاندين، مثل قوله سبحانه: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين)، والله أعلم. وتبرز الظاهرة الإعلامية في المحاجة وهي (الدحض) في قوله تعالى: (والذين يحاجون في الله من بعدما استجيب له حجتهم داحضة). وهم اليهود والضمير في (له) يعود لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، الذي استجاب له ربه بظهور معجزاته، ومعنى (الدحض) أي : البطلان، كما ورد في تفسير الجلالين، وهو ذو بعد إعلامي يعبر عنه بالخطأ الشائع بلفظ (الشجب) في وسائل الإعلام المعاصر. وورد اللفظ صريحا في الآية (56) في سورة الكهف بقوله سبحانه: (ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا). أي: «ليبطلوا بجدلهم الحق». (الجلالين ص:30).. وإذا كانت المحاجة باطلا وضربا من الجدل الذي لا فائدة منه، في كل زمان ومكان، فمن باب أولى أن يراعى الحاج في موسم الحج حرمة الزمان والمكان، قال سبحانه: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ). والله الهادي إلى سواء السبيل.