أوضح وكيل وزارة الحج عيسى رواس ل «عكاظ» أن ندوة الحج الكبرى لهذا العام تهدف إلى تجسيد وترسيخ الحج كعبادة وسلوك حضاري، بتكامل ودعم الجهود للحملة المباركة التي أطلقها أمير منطقة مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مشيرا إلى أن خطة عمل الندوة أعدت من قبل كبار العلماء والمفكرين في العالم الإسلامي لتكريس أهداف حملة الحج. وأضاف أن الوزارة تسعى من خلال عقد الندوة إلى أبراز الدور الثقافي والحضاري الذي تضطلع به المملكة لخدمة الحج والحجيج، وكذا إبراز أهم الإنجازات والمشروعات الرائدة والمتلاحقة في خدمة الحرمين الشريفين لخدمة المسلمين، والتأكيد على الدور الثقافي والحضاري للمدينة المقدسة، جاء ذلك خلال مشاركته، صباح أمس، في «ندوة الحج الكبرى لعام 1433ه»، بقاعة الذكرى الخالدة في مكةالمكرمة. من جهته، طالب عضو هيئة كبار العلماء في دبي الدكتور محمد عبدالرحيم العلماء والحملات وشركات الحج بضرورة تثقيف الحجاج قبل وصولهم إلى الأراضي المقدسة، وقال ل«عكاظ»: «يجب على الدول تثقيف مواطنيها الراغبين في الحج وتعليمهم المناسك الصحيحة لأجل أن يحجوا حجا صحيحا»، مشيرا إلى ضرورة عقد دورات تثقيفية للحجيج عن مناسك الحج في بلدانهم قبل القدوم إلى الأراضي المقدسة. وأشاد بالجهود التي تبذلها المملكة في سبيل راحة وطمأنينة الحجيج وتثقيفهم من خلال توزيع الكتيبات والأشرطة باللغات المختلفة. وبدأت جلسات ندوة الحج بالحلقة الأولى التي أدارها وكيل جامعة أم القرى للشؤون التعليمية الدكتور ثامر بن حمدان الحربي، وتحدث عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام أباد في باكستان الدكتور حسن الأمين عن مناسك الحج وأحكامه وفق الكتاب والسنة، وتطرق إلى تعريف الحج في اللغة والشرع. أما عميد كليات الدراسات الإسلامية والعربية للبنات في جامعة الأزهر الدكتور مصطفى عرجاوي، فتناول مقاصد العبادة في الإسلام وأثرها في الحجاج والمعتمرين، وتضمن بحثه ثلاث نقاط، هي «التعريف بمقاصد العبادة في الإسلام ومنهجها التشريع لرعاية الإنسان»، «دور العبادات المفروضة في تقويم السلوك الإنساني في الإسلام»، و«مقاصد الحج والعمرة العقدية والتربوية في الإسلام وأثرها في الحجاج والمعتمرين»، وتطرق الباحث إلى تربية المسلم على التوازن والاعتدال في حياته اليومية وتحقيق مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات وتأصيل مبدأ التآخي في الإسلام، ونشر روح التعارف بين الحجاج والمعتمرين. في السياق ذاته، تطرق رئيس جامعة الأزهر أستاذ الفقه الإسلامي الدكتور أسامة محمد العبد عن الآداب الإسلامية والمقصد من الأحكام العملية، وأوضح أن العقيدة الإسلامية مبنية على توحيد الله عز وجل وأنه لا معبود بحق سواه، وقال «التوحيد قمة الأخلاق لأن التعدد مفسد في كل شيء»، مضيفا «فإذا ما انتقلنا إلى العبادات التي أمرنا الله بها نجد أن الصلاة مبنية على الأخلاق وثمراتها أيضا أخلاق، حيث أنها تنهى فاعلها عن الفحشاء والمنكر، والزكاة أخلاق بأدبها لأنها شكر النعمة من جنسها». ومن جانبها، قسمت الأستاذ المساعد في جامعة الدمام الدكتورة هدى بنت محمد التيسان في بحثها الذي عنونته ب «أثر الحج في سلوك الفرد» إلى ستة محاور منها: التعريف بالحج، الحج في سطور، صفة حج الرسول صلى الله عليه وسلم، مقاصد الحج، وأثر الحج في تهذيب السلوك. وبينت أسباب غياب الأثر العملي الملموس للحج على السلوك، وحلول تعزيزه، مختتمة بذكر أهم النتائج والتوصيات التي توصلت إليها. وفي الجلسه الثانية التي ترأسها نائب رئيس مجلس الشورى الدكتور محمد الجفرى، تحدث عميد كلية التربية الإسلامية في البوسنة والهرسك الدكتور محرم شتولا نوفتش عن مفهوم الحضارة والمدنية والثقافة، واعتبر أن الحضارة ترتكز على البحث العلمي والفن التشكيلي، وقال «الجانب العلمي يتمثل في الابتكارات التكنولوجية وعلم الاجتماع، والجانب الفني التشكيلي يتمثل في الفنون المعمارية»، موضحا أن الثقافة في المعنى الضيق تطلق على الثقافة المعنوية والفكرية والروحية. بدوره، بين رئيس اتحاد علماء أفريقيا في جزر القمر الدكتور سعيد برهان عبدالله أن الإسلام أتى لعمارة الروح والجسد وعمارة الكون والاستعداد للميعاد، مضيفا أن الإسلام لم يهمل الدار الباقية على حساب الحياة الفانية، فالعبادة جزء روحي يتمثل في الثقافة وعمارة المسجد جزء مادي يمثل المدنية وهما ركنا الحضارة، وقال «إذا استعرضنا تاريخ الدول الإسلامية من عصر النبوة إلى العصر الحاضر نعثر على شواهد كثيرة تثبت اهتمام الإسلام بمكونات الحضارة الروحية والمادية».