لا أدري أيا من وزاراتنا هي الأكثر في إصدار التعاميم، ولكن كوني أنضوي تحت جناح وزارة التربية والتعليم فإني أرجح أن تكون الأكثر قياسا على الكم الهائل من البشر التابعين لها الذين بلغوا ملايين عدة، من موظفين وموظفات ( إداريين ومعلمين) وطلاب وطالبات. ولأن إبلاغ هؤلاء بالمستجدات أو التعليمات يصعب بالمشافهة لذا فالمكتوب أبلغ في التقيد وأضمن في عملية الوصول حيث لا يكون عرضة في مهب الريح تناقلته الألسن فترة وجيزة ثم يفقد أثره. وهكذا تعلمنا إن لم يكن أمامك قرار مكتوب وأثبت توقيعك عليه بالعلم فأنت في حل عن أي مساءلة حول إخلالك بنظام أو تجاوزك حدودا رسمت لك مسبقا داخل المنظومة الوظيفية التي تتبع لها، لذا فإن ملف الموظف يكاد يفقد توازنه لكثرة ما حشي داخله من قرارات وتعاميم وإنذارات وخصومات مالية إن لم تكن قرارات نقل كعقوبة على خلل ما. والحال هكذا فمن البديهي أن يكون للتعميم هيبته وعملية التقيد بمحتواه واجبة لتاريخه المجيد والموسوم بالسمع والطاعة، غير أن الوضع تغير ومكانته تزعزعت في النفوس ليصبح التهاون وعدم النظر لما ينص عليه هو نصيبه. ولأن القائمين على صياغة تلك التعاميم ثم إمهارها بتوقيع المسؤول الأعلى يعون ما أصابه من تجاهل لذا يتم إعادة إصداره مرات عدة ويبنى الثاني على الأول والآخرين على البقية ليظهر لك متواترا في بدايته بعدد كبير من الأرقام والتواريخ توضح مدى التهاون في الأخذ بما ورد في نسخته الأولى. ومن هذه التعاميم التي أحسبها لا تغيب سنويا ما نص محتواه على عدم مطالبة الطالب أو الطالبة بأي مبالغ مادية من قبل المعلمين والمعلمات بذرائع تزيين الفصول أو زخرفة الملفات، ولأنه في كل عام يزداد حدة في الخطاب إلا أنه الأقل استجابة بل قد توقع المعلمة على العلم به ثم تنسل إلى طالباتها محذرة ومتوعدة إن لم يكتمل المبلغ المطلوب منهن في الغد. ولا ندري السبب هل هو إيقان أولئك المغالين في مطالبهم المادية أن هذه التعاميم شكلية وعملية متابعة التقيد به غير واردة أم أنهم يرون في طلابهم وطالباتهم ما لانراه من ثراء واكتناز للمال يوجب أن يصرفوا منه ما يهندم فصولهم.. كما أردفت هذه تساؤلات والوزارة من تملك الإجابة وهي أيضا من تملك السلطة لتجعل منسوبيها ومنسوباتها يكفون عن تكليف المواطنين البسطاء ما لا يطيقون وأحسبهم يعلمون كم من الأنفس العفيفة التي لا تطلب الناس إلحاحا في مدارسهم. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 146 مسافة ثم الرسالة