إيجاد المسكن غاية كل مواطن ومرامه، ولا يهدأ لأي إنسان بال أو يرتاح ضمير حتى يؤمن مسكنا ملكا لأسرته، يقيه شر الإيجار ويوفر لأسرته حرية الحركة ويعزز المزيد من الخصوصية، فتوفير المسكن الخاص هو الهاجس الأول والحاجة الأكثر إلحاحا، وفي ظل متغيرات السوق العقارية وتزايد أسعار العقار يتسلل اليأس للكثيرين في أن يمتلك دارا تأويه، والدولة حفظها الله تبذل جهدها لتذليل الصعاب أمام المواطن كي يتوفر له مسكن، ولكن تجري الرياح بمالا تشتهي السفن فالمنح البلدية لا تأتي إلا بعد عقود.. وقروض البنك العقاري ينساها المواطن من طول الأمد وكثيرون هم من ماتوا قبل أن يروا أسماءهم بين المقترضين. ومجلس الشورى الموقر أقر في إحدى جلساته أن هناك عشرات الأسباب التي تحول دون حل أزمة السكن، ولكن يبقى هناك بصيص من الأمل يلوح في الأفق البعيد وهو إنشاء الضواحي خارج المدن على غرار ضاحية الملك عبدالله في جازان وضاحية مكة.. وتكون هذه الضواحي المستحدثة عبارة عن مدن رديفة توفر أراضيها البلديات وتسلم لوزارة الإسكان لتعمل بالتعاون مع القطاع الخاص وحدات سكنية بأحجام مختلفة تناسب كل الأذواق ومساحات تستوعب كل الأسر.. وتكون عبارة عن فلل توزع وفق آلية معينة بعد توفير بنية تحتية متكاملة من تصريف وكهرباء وماء وهاتف وطرق، كما يشترط قبل تسليمها أن يوجد فيها مواقع للجذب الاستثماري وكافة الخدمات التجارية والترفيهية والاجتماعية والعمل الحثيث على تنمية الضاحية القائمة مع الأخذ بعين الاعتبار توفير كامل الخدمات التي تضمن إيجاد قاعدة اقتصادية تدعمها وتعتمد عليها، وذلك بدعم كل الأنشطة التي تحقق الاكتفاء الذاتي لها وتوفر فرص عمل وجذب رؤوس أموال للاستثمار بها، كإيجاد منطقة للاستثمار السياحي والترفيهي، ومنطقة تختص بالشأن العقاري، وحدائق ومراكز تجارية، وتوفير مدارس التعليم العام بكل مراحله للجنسين، وخدمات صحية متكاملة.. أي أن تكون تلك الضاحية مدينة جديدة ومشروعا سكنيا متكامل الخدمات وبأعلى المواصفات الفنية.. وإذا ما أوجدت مثل تلك الضواحي على أطراف المدن التي تعاني مرارة الزحام والاكتظاظ ومرارة سوء التنظيم والتخلف عن ركب التطور الزمني، فستحل الكثير من مشكلات الإسكان وستكون تلك الضواحي وجهة الكثيرين ممن يحلمون كل يوم بامتلاك مسكن، لينام رب الأسرة قرير العين صافي الذهن.