أخذ النقاش ينتقل من موضوع إلى آخر، مع تعدد الآراء واختلافها في ظل الأدلة والبراهين التي كان يسوقها كل متحدث لدعم رأيه أو فكرته، وكان الحوار يسير في اتجاه عدم الوفاق ولكنه كان من النوع المحمود الذي يزيد قاعدة البيانات الموسوعية للشخص. ومع اختلاف مواضيع النقاش كان الموضوع الأكثر جدلا يدور حول: ما هية أفضل اختراع أو اكتشاف خلال المائة عام الماضية؟. وكان الاتفاق شبه جماعي على أنه من الصعب حصر ما تم خلال هذه الفترة الزمنية في شيء واحد فقط، ولكن مع وجود شرط اختيار اختراع أو اكتشاف واحد، بدأ الجميع يلقي أول ما يخطر على باله سواء بحكم طبيعة عمله أو سعة اطلاعه، وبين التباين والاتفاق كان هناك اجماع على أن التطور التكنولوجي الهائل الذي نعيشة هذه الأيام هو أحد أهم إنجازات البشرية، هذا التطور الذي مهد لنا سبل الحصول على المعلومة بيسر تام وأتاح لنا طي المسافات لتصبح على بعد المسافة بين مفتاحين على لوحة مفاتيح الكمبيوتر أو الهواتف الذكية، وتدين التكنولوجيا بالفضل لحبة الرمل. فهذه الحبة الصغيرة تأبى أن تغمض عينك عنها، فتضع نفسها أمامك في كل مكان داخل منزلك أو خارجه من خلال الجدران والزجاج ويمكنك إزالتها من على سيارتك ولكن لا تستطيع أن تراها وأنت تشاهد التلفزيون وتتنقل بين قنواته بالريموت كنترول، فعلى الرغم من صغر حجمها فهي تشارك في مهام كبيرة بعد أن تتحول إلى السيلكون بعد العديد من العمليات المعقدة وتأكد بنفسك من ذلك عند النظر إلى الكمبيوتر المحمول ثم عد بالذاكرة لعهد السبعينات لترى الفرق، إذ ساعدت البشرية على زيادة اتساع الذاكرة من خلال ما يسمى بالذاكرة الخارجية. كما أنها عملت على تحويلنا من نظام الأنالوج إلى نظام الديجيتال وما تبعه من تحسن جودة الصوت والصورة، كل هذا فضلا عن دخول رقائق الكمبيوتر في صناعة العديد من الأجهزة الطبية والهندسية... إلخ. وبالتالي هذه الحبة تضعنا أمام سؤال محير هل هي تهوى التعب والنصب لتفعل كل ذلك؟، أم أن العقل البشرى هو الذي استخرج كل طاقاتها الكامنة وسخرها لمصلحته.. وبالتالي تبادر لذهني هذا السؤال غير المريح: أليس في بلدنا رمل أم ليس لدينا عقل ديجيتال؟.