هذا الفيروس ينتمي إلى عائلة الكورونا أو الفيروسات التاجية التي تفاجئ العالم الآن للمرة الثانية. المفاجأة الأولى كانت في عام 2002م 2003م عندما ظهر فيروس السارس وهو فيروس شرس ينتمي إلى عائلة الكورونا نفسها وقد انتقل من قطة السيفت إلى الإنسان في الصين ثم انتشر منها من شخص لآخر حتى وصل إلى 29 دولة مصيبا أكثر من 8 آلاف شخص لقي أكثر من 900 منهم حتفهم إلى أن نجحت جهود احتوائه خلال أربعة أشهر اختفى بعدها. هذه المرة كان اكتشاف فيروس كورونا الجديد في مستشفى الدكتور سليمان فقيه في جدة من مريض توفي بسبب الالتهاب الرئوي والفشل الكلوي وتم عزل الفيروس منه ثم إرساله إلى أحد المختبرات المرجعية في هولندا حيث تبين أنه فيروس جديد من عائلة الكورونا نفسها. تأكد موضوع الفيروس الجديد بعد عزله مرة ثانية في لندن من مريض قطري كان قد زار السعودية قبل إصابته بمرض تنفسي حاد. ويبدو أن هناك حالة ثالثة لمريض سعودي آخر توفي في لندن من المرض نفسه. السبب في اعتبار هذه الإصابات الجديدة، مثل مرض السارس القاتل، مفاجأة هو أن أفراد عائلة الكورونا الذين يصيبون البشر والذين كانوا معروفين سابقا، وعددهم أربعة، كانت إصاباتهم بسيطة لا تتجاوز الرشح (الزكام). لكن عددا كبيرا من فيروسات الكورونا يصيب الحيوانات الثديية والطيور مسببا أمراضا مختلفة بعضها خطير أو قاتل. حالتان أو ثلاث حالات حتى الآن قد لا تشكل وباء يثير الذعر ولكنها تستوجب البحث والاستقصاء واتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة خاصة ونحن على أبواب موسم الحج وهو أكبر تجمع بشري عالمي تجد فيه الفيروسات، خاصة تلك التي تنتقل بالرذاذ، مجالا خصبا للانتشار. الذي يدعو إلى شيء من الاطمئنان وليس الاستكانة هو أن الإصابة الأولى مر عليها أكثر من ثلاثة أشهر لم تظهر فيها إصابات أخرى مشابهة في المنطقة نفسها. كذلك لم تنتقل العدوى من المرضى الذين تلقوا العلاج في جدةولندن إلى من خالطوهم عن كثب. مع ذلك يبقى هناك الكثير من الأسئلة التي تستدعي التحري عن الفيروس الجديد: من أين جاء وما مدى انتشاره خلال الفترة السابقة وحتى الوقت الحالي؟، هل ينتقل بسهولة من شخص لآخر. هل كان له مصدر حيواني؟، ما نسبة الحالات الخطرة التي يسببها؟ .. من ناحية أخرى يجب أن نركز على أهمية تطبيق الاحتياطات اللازمة لمواجهة احتمال انتشار الفيروس الجديد في موسم الحج القادم، لا قدر الله ؟... في اعتقادي ينبغي التركيز على الأمور التالية: أولا: توفير التشخيص السريع، أي الذي تظهر نتيجته خلال ساعات قليلة، في أقرب مختبرات مجهزة في مناطق الحج، وقد أصبح هذا ممكنا والحمد لله مع توفر التقنيات السريعة والفنيين المدربين في عدد من مختبرات وزارة الصحة والمستشفيات الكبيرة ومراكز البحوث الجامعية في بلادنا. ثانيا: ينبغي توفير أماكن كافية لعزل المصابين وتوفير الأقنعة الواقية ومواد التطهير وغيرها على نطاق واسع. وأخيرا وليس آخرا، يجب التأكيد على اتباع إجراءات الوقاية من الفيروسات الأخرى التي قد تسبب أمراض تنفسية مشابهة خاصة فيروسات الانفلونزا وذلك بحث جميع الحجاج والمقيمين في مناطق الحج على أخذ اللقاحات المتوفرة ضدها، لأن هذه الفيروسات معروفة بخطورتها وقدرتها على الانتشار بسرعة في أماكن التجمعات الكثيفة وهي من الأوبئة الأساسية في أغلب مواسم الحج. اكتشاف فيروس الكورونا الجديد يثبت نجاح إمكانيات التشخيص السريع في بلادنا ويؤكد على أهمية التعاون الوثيق بين الأجهزة الصحية والمختبرات المرجعية في كافة دول العالم. وهذين العاملين إضافة إلى ما ينبغي أن يتخذ معهما من احتياطات صحية مناسبة قد تشكل الفرق بين بقاء الفيروس الجديد أو أي فيروس آخر كعدوى محدودة الضرر أو، لا قدر الله، تحوله إلى جائحة واسعة الانتشار. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة