إلى صديقتي الغالية، التي يغرق قلبها بالدمع لكنها لاتبين، تبدي صبرا جميلا على مكروه حل بها بقضاء من الله وقدر!، وما من شيء أشد على النفس من الصبر على المكروه !! لكنها صابرة، هي صابرة لا لأنها تخشى الشامتين كحال أبي ذؤيب الهذلي حين قال: (وتجلدي للشامتين أريهم .. أني لريب الدهر لا أتضعضع). ولا لطلب الثناء والفخر بالقوة والصلابة في وجه المصائب، هي صابرة لأنها مؤمنة موقنة بأجر الصابرين عند ربهم. قرأت لابن الجوزي قوله: «ليس في التكليف أصعب من الصبر على القضاء»، ثم وجدته يردفه بقوله: «ولا فيه أفضل من الرضا به»، فالرضا بالقضاء والاستسلام لأمر الله وتقديره هو دليل الإيمان. فالبلايا حين تقع على المؤمن تقع امتحانا لإيمانه، يقول سبحانه: «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم، مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، ألا إن نصر الله قريب». كل إنسان في هذه الدنيا عرضة لأن تمر به فترات عصيبة تثير في نفسه ألما وتولد في قلبه وجعا، فيتمنى لو أن بيده الخروج منها والتحرر من أذاها. ما يحرق كبده من الألم يجعله لا يرى سوى ما هو فيه من سوء، فتعمى عيناه عن رؤية أي جانب آخر طيب في حياته. من يعاني من المرض أو الإعاقة أو الفقر أو فقد حبيب أو أي محنة أخرى من المحن العديدة التي تحل بالناس عبر حياتهم، هو غالبا يضيق بما حل به وربما أخذ يقارن بين حاله وحال غيره ممن لم يصبهم ما أصابه، فيزيد ألمه ويضيق صدره وربما كره حياته وأخذ يتطلع إلى الخلاص منها، فهو يغيب عنه أن في بعض الأحيان تكون الأزمات خيرا على صاحبها!!، والله سبحانه أخبر عباده بهذا ليطمئنوا ولا يجزعوا عندما يحل بهم ما يكرهون : «فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا»، فليس كل كربة تمر بالإنسان هي شر محض وقد يكتشف الإنسان بعد زمن أن ما كرهه في وقته حمل إليه الخير أو أبعد عنه شرا أكبر، إن لم يكن في هذه الدنيا فعند الله يوم اللقاء الأعظم. والمؤمنون بالله هم أكثر الناس سكينة ورضى بما يصيبهم من المصائب، فهم مطمئنون إلى أنهم متى آمنوا وسلموا أمرهم لربهم فإنه لن يتخلى عنهم، ولن يدع المصائب تأكل قلوبهم فلا يحصلون منها على خير، ومما يروى عن بعض السلف قولهم : «لو علمنا ما نغرق فيه من الأجر عند إصابتنا بالمحن لما تمنينا سرعة الخروج منها».. الصبر على المصيبة ليس أمرا هينا، ولكن مما يعين على الصبر أن يتذكر الإنسان أن البلايا لا تدوم، أو حسب تعبير ابن الجوزي: «للبلايا نهايات معلومة الوقت عند الله عز وجل»، وأن المبتلى متى صبر على البلاء إلى أن ينقضي أوانه فاز بالأجر الذي أراده له الله، فالله عندما يبتليك بمصيبة «يريد أن يأجرك بصبرك».. «إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين». فاكس: 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة