تبقى القيم والمبادئ الإسلامية هي الثوابت التي يجب على كل مسلم التمسك بها، فهي حبل الله المتين والطريق الذي يحفظ للمرء كرامته وسمعته التي هي رأس ماله، فما قيمة الإنسان إن لم يكن ذا قيم وخلق وأدب رفيع. وديننا الإسلامي ندب إلى الصدق الذي هو من أهم تلك القيم والمبادئ الحميدة، وفي المقابل حذر من الصفات الذميمة التي لا تزيد المرء إلا ضعفا وهوانا واحتقارا من الناس في الدنيا، والعقاب والخزي في الآخرة.. وقد يعجل الله عقابه في الدنيا جراء ما يقدم عليه من ارتكاب لتلك الصفات الحقيرة والتي من أبرزها الكذب الذي هو ضد الصدق وما يترتب عليه من عواقب وخيمة. ولعل الشائعات هي أحد أنواع الكذب وفنونه التي يجيد تحبيرها ورسم سيفمونيتها بعض المغرضين الحاقدين الذين استباحوا لأنفسهم ذلك دون أدنى خوف أو وجل من الله أو استحياء من خلقه في الأرض، فتجدهم يتربصون بالناس عند كل شاردة وواردة عند كل صغيرة أو كبيرة غير عابهين بما قد تجر تلك الشائعة التي أشاعوها بين الناس من الفتن والظلم ما لايعلمه إلا الله. والشائعات لها آثار سلبية ليست على الأفراد فحسب بل على المجتمعات والأمم بأسرها فكم تسببت في حروب وكم أوغرت في النفوس من غل وأحقاد وضغائن بين الناس من أقارب وأصدقاء وزملاء. ولعل من أخطر صور الكذب وأنواعه إطلاق الشائعات وتناقلها وتداولها بين الناس دون التحري في صدقها، بل أصبحت التقنية تشكل شرا معينا على ذلك من خلال الهواتف والرسائل والانترنت والفيس بوك والتويتر وغيرها من وسائل الاتصال السريعة، وهنا الخطر الكبير الذي لا يعيه أو يتنبه له الكثير، فيجب توخي الحذر وعدم التساهل في ذلك، وقد جاء عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: « كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع » رواه مسلم.. بقي أن نقول: يجب على المسلم إذا بلغه أمر مراقبة الله أولا وأخيرا فلا يشيع خبرا ولا يسيء ظنا ولا يهتك عرضا ولا يصدق فاسقا بل عليه طلب البرهان والتثبت.. كما جاء في قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).. الحجرات: 6.. راجح ناصر البيشي (جدة)