تحتضن جامعة أم القرى أحد أهم المعاهد في مجال البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، ألا وهو «معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي»، الذي يقوم باحثوه بإعداد «أضخم موسوعة الشعر العربي»، التي تتخطى في مرحلتها الأولى المليون بيت شعري وتعد من أوثق مصادر الشعر العربي في عصور الاستشهاد اللغوي، إضافة إلى العمل على إنجاز ما يزيد عن 210 أبحاث علمية، وقد أصدر ما يزيد عن 600 عنوان في شتى فروع المعرفة، يشارك بها سنويا في معارض الكتب المحلية والعربية والدولية كمخطوطة المقاصد الشافية، نهاية السول، ومعجم الأصوليين، مع بشرى قرب صدور «الجامع لمسائل المدونة لابن يونس»، إضافة إلى ما تضمه مكتبة الميكروفيلم التي تحتوي على ما يزيد عن 300 ألف مخطوط في مختلف فنون المعرفة، ناهيك عن قاعدة بيانات البحوث المطبوعة، وفهارس المخطوطات، ورسائل الماجستير والدكتوراه بالجامعة. الجولة داخل المعهد الذي يضم 10 مراكز بحثية في مجال إحياء التراث الإسلامي، التعليم الإسلامي، العلوم التربوية والنفسية، العلوم التطبيقية، الدراسات الإسلامية، العلوم الاجتماعية، اللغة العربية وآدابها، العلوم الهندسية والمعمارية، الطب والعلوم الطبية، وعلوم الصيدلة، تشعرك بأنك أمام شريط سينمائي تشاهد من خلاله التراث الفكري والثقافي والتطور العلمي، مما مكن المعهد أن يحقق الريادة العربية بين أقرانه من المعاهد المتخصصة. «عكاظ» التقت خلال زيارتها للمعهد عميد المعهد الدكتور عادل بن محمد عسيري، الذي أوضح أن المعهد مؤسسة علمية راقية، وهو من أهم روافد المعرفة، والثقافة والبحث العلمي في جامعة أم القرى، وقال: «المعهد يمثل شجرة الثقافة، والمعارف في رحاب جامعة أم القرى، التي يتوق لها طلاب المعرفة، والثقافة، والباحثون في شتى المجالات وبهذا التميز يعد البوابة الحقيقية لتحقيق الحلم نحو العالمية». وحول دور المعهد تجاه الباحثين، وطلاب العلم، والمعرفة، والثقافة، قال الدكتور العسيري: «المعهد مؤسسة علمية راقية تأخذ بيد الباحثين، وطلاب المعرفة؛ لتصقل إمكاناتهم العلمية، والبحثية، وتوضح الطرق المثلى للبحث العلمي، وتناقش المنهج الذي ينوي أن ينتهجه الباحث في بحثه، وذلك من خلال علماء متخصصين لهم مكانتهم العلمية المشهود بها، إضافة إلى معاونة الباحثين في اختيار بحوثهم من خلال توفير قواعد بيانات متعددة يقوم المعهد على جاهزيتها للإفادة منها»، وأضاف «يقدم المعهد الدعم المادي لتمويل البحوث العلمية، كما يقدم خدمة الاستشارات الإحصائية للباحثين، وتنظيم ورش عمل لأساتذة الجامعة للبرامج الإحصائية بوحدة الإحصاء بالمعهد، كما يعكف على ترجمة الكتب العربية إلى اللغة الإنجليزية، ومن خير الأمثلة على ذلك ترجمة كتاب «محمد النبي الإنسان» وكتاب «الإسلام وحماية البيئة». «عكاظ» التي توقفت عند مراكز البحوث المتعددة في المعهد، سألت الدكتور عادل عسيري عن سبب هذا التنوع فقال: «حقا المعهد يحتوي مجموعة من المراكز البحثية المتباينة، وبعد أن كان المعهد يصرف جل اهتمامه إلى التراث الإسلامي، لأن هذا الاهتمام هو نواة المعهد، لكن نظرا لتطور المعرفة، وما نشاهده من تطور ملموس على المستوى المحلي، والدولي في مراكز البحوث العلمية، ونشاطاتها، تبنينا فكرة إنشاء مراكز بحثية متنوعة تابعة للمعهد؛ لتكون مرجعا لجامعة أم القرى، وباحثيها، وطلاب المعرفة فيها، ومن خارجها، وبالفعل تم إنشاء المراكز البحثية ذات النوعية العلمية، والمعملية، مثل: مركز البحوث الطبية، ومركز البحوث الصيدلية، ومركز البحوث الهندسية، إضافة إلى مراكز بحوث العلوم التربوية والنفسية، والاجتماعية واللغة العربية، وبالتالي حوى المعهد مجموعة متنوعة من المراكز البحثية، وبذلك التوجه الشمولي للجانبين النظري، والتطبيقي في مراكز المعهد البحثية الآن أرى أن المعهد صار يمشي واثق الخطا، تنوعا وشمولا، إضافة إلى أن المعهد يقوم بطباعة رسائل الماجستير، والدكتوراه التي تتم مناقشتها في الجامعة، وذلك للإفادة منها ونشرها على نطاق واسع، وللتعريف بمكانة جامعة أم القرى في المحافل الدولية». وحول تطور المعهد والطموحات المستقبلية، قال الدكتور العسيري «نحن نعمل على إنشاء مراكز بحثية جديدة لعلوم الحاسب الآلي ونظم المعلومات، وكذلك لبحوث علوم إدارة الأعمال، وقد اتخذنا خطوات جادة في هذا الشأن». وعن الاحتياجات التي تجعل المعهد مواصلا مشواره العالمي قال «ضمن طموحاتنا إنشاء مجموعة من المراكز البحثية التابعة للمعهد، مثل: مركز بحوث الترجمة، ومركز بحوث الإحصاء ومركز الاقتصاد وغير ذلك من المراكز البحثية التي تدعم المراكز البحثية القائمة، والتي تكمل هذا البناء الراسخ، وقد اتخذ المعهد الخطوة الأولى لإنشاء هذه المراكز البحثية. وعن الخدمات التي يقدمها المعهد للمرأة، قال الدكتور العسيري: «هناك وكالة للمعهد في مقر الطالبات، وهذه الوكالة تتيح جميع الخدمات التي يقدمها المعهد للطالبات، أضف إلى ذلك المعرض الدائم للكتاب في هذه الوكالة، والذي يحتوي على جميع مطبوعات المعهد ومؤلفات أعضاء هيئة التدريس، وجميع الخدمات التي يتم تقديمها للباحثين في المعهد يقدم مثيلها للطالبات من خلال وكالة المعهد فرع البنات، وموقع المعهد الإلكتروني». لفت عميد المعهد الدكتور عسيري إلى أن ميزانية المعهد لهذا العام تبلغ 6 ملايين و500 ألف ريال، وذلك لتمويل المشاريع البحثية الجديدة والمشاريع الجاري العمل عليها.