إن خطوات التطوير والتحديث تسير وفق منطلقات ومحاور واضحة المعالم والأهداف. أما تنفيذها، فإنه يتطلب تنسيقا دقيقا ومنتظما بين القيادة والهيئات والمؤسسات المعنية كافة، إضافة إلى متابعة شديدة لأداء الأجهزة المختصة والمسؤولة عن تتبع الخطط وتنفيذها، ومقارنة الأرقام والمعطيات الإحصائية مع ما يجري في الواقع وفي المؤسسات الإنتاجية والخدمية والإدارية. والمعطيات على الأرض تشير إلى انطلاقة متوازنة في اتجاه استراتيجية التطوير والتحديث التي يقودها خادم الحرمين الشريفين؛ ما يتطلب عملا واسعا وتكاملا من القطاعات والأجهزة المختلفة، ومحاسبة دقيقة، مع التفاف شعبي ودعم الخبراء والأكاديميين والمختصين في التطوير والتحديث ومجمل التنمية الاجتماعية الاقتصادية والعلمية والتقنية والتربوية والإدارية. أخذ خادم الحرمين الشريفين يجوب البلاد طولا وعرضا، يتابع بنفسه عمليات التشييد والبناء، ويتفقد مشروعات الإنماء والإعمار، ويقود تحديا غير مسبوق للحاق بركب الحضارة والتحديث والتقدم. وتبرز ثورة المعلومات كمصدر مؤثر ومغير في حياة المجتمعات الإنسانية، ومنها مجتمعاتنا؛ لأنه يمكن للثقافة المحلية أن تؤدي دورا في استخدام شبكة الاتصالات، والتكيف مع الأبعاد المختلفة للعولمة، وفي الوقت نفسه، يمكن المحافظة على الهوية الذاتية، والتنوع، أو التعدد الثقافي. لذلك فإن التغير الاجتماعي الناتج عن تطور الاتصالات؛ أي: إنتاج المواد في المجتمعات الصناعية، أصبح يرتبط ارتباطا وثيقا بثقافة المجتمع، التي ستصنع وتصدر إليه تلك المواد، وهذا الأمر أدى إلى ظهور مفاهيم جديدة، كالتكامل بين وسائل الاتصال في عصر المعلومات وبين الثقافة المحلية في عصر العولمة. انطلقت عمليات التطوير والبناء بإرساء قواعد الإدارة الحكومية السليمة، وبناء المؤسسات التنظيمية والمالية والإدارية والمرافق والدوائر الحكومية التي تتولى الإشراف على تنفيذ مشروعات التنمية بأشكالها كافة. وتدفقت عائدات الثروات البترولية بسخاء للإنفاق في إقامة مشروعات التطوير والخدمات الأساسية، وبدأ العمل بتنفيذ برامج طموحة سريعة وأخرى طويلة الأجل للتنمية الشاملة التي استهدفت نواحي الحياة شتى بالتبديل والتحديث للحاق بركب الحضارة والتقدم. كما أن خطط التنمية اتجهت نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، من خلال التركيز في التعليم الذي ينشر المعرفة التي تؤسس قدرات تمكن من نقل المعرفة وتراكمها ثم توليدها واستثمارها في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، خصوصا في أنشطة الإنتاج والخدمات. وتسعى تلك الخطط في تركيزها في تلك المحاور إلى تعزيز الميزات النسبية لاقتصاد المملكة، وإضافة ميزات تنافسية جديدة له، وتنويع الاقتصاد، وزيادة إنتاجيته وتنافسيته، فضلا عن إحداث فرص عمل مناسبة للمواطنين. إن الإنجازات الحضارية التنموية، التي تحققت في المملكة منذ تولي الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في البلاد، في جميع مناحي الحياة وأنشطتها التعليمية والثقافية والاجتماعية، أسهمت بشكل ملحوظ في تحقيق التنمية المستديمة في المملكة، وخلق بيئة تنموية متوازنة بين مناطق المملكة المختلفة، وحققت للمواطن رفاهية العيش الكريم والمستوى الحضاري المنشود، ووضعت المملكة بين مصاف الدول المتقدمة حضاريا وثقافيا على مستوى العالم. نسأل الله أن يديم علينا هذه النعم، وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، وندعو الله أن يؤيده بعونه وتوفيقه. (*) أستاذ المعلومات جامعة الملك سعود، عضو مجلس الشورى