وصف مستشار الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون اليمن جمال بن عمر جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزير بأنها أساسية لإنجاح الانتقال السلمي للسلطة، وتجنيب اليمن حربا أهلية. وقال بن عمر في حوار مع «عكاظ» في مكتبه في صنعاء إن مجلس الأمن الدولي لن يتردد في فرض عقوبات على من يعرقلون تنفيذ المبادرة الخليجية. لافتا إلى أنه سيقدم تقريرا للمجلس يوم الثلاثاء المقبل. غير أنه أكد أن العملية السياسية تتقدم رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها والمتمثلة في ظاهرة الإرهاب.. مطالبا بوضع خطة شاملة لمواجهتها. وفيما يلي نص الحوار: بداية كيف ترون دور القيادة السعودية في تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن؟ حقيقة جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كانت أساسية وكبيرة جدا لإنجاح الانتقال السلمي للسلطة، وتجنيب اليمن حربا أهلية بعد الصراعات التي استمرت لعدة أشهر. فالمملكة كانت من أحرص الدول على أمن اليمن واستقراره، ولا ننسى أن توقيع اتفاق المبادرة الخليجية كان برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، واستمر الدعم السعودي ليس في جانبه السياسي والمعنوي فحسب، بل شمل الجوانب الأخرى. واحتلت المملكة موقع أكبر دولة مانحة لليمن وبمقدار هائل يبلغ ثلاثة مليارات ومائتين وخمسين مليون دولار بالإضافة إلى عدد من المساهمات. والتعاون والتنسيق بيننا وبين المملكة كبير وكامل ونحن في الأممالمتحدة نقدر هذا الدور. ما تقييمكم للوضع السياسي في اليمن ومراحل تنفيذ المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية حتى الآن؟ العملية السياسية في اليمن شهدت تقدما. وتم تشكيل حكومة الوفاق الوطني واللجنة العسكرية الأمنية. ومن أهم القضايا المطروحة إعادة تكامل القوات المسلحة. وبالفعل اتخذت الرئاسة اليمنية عددا من القرارات المتعلقة بإعادة هيكلة الجيش. وستستمر هذه العملية خلال المرحلة الانتقالية بكاملها كون إصلاح المؤسسات العسكرية يتطلب وقتا. والتركيز حاليا على أهم بند في المبادرة الخليجية ويعتمد نجاح التجربة على إنجازه وهو الإعداد لمؤتمر الحوار الوطني الشامل. وقد حضرت عددا من اجتماعات اللجنة التحضيرية للحوار ولاحظت أنها حققت تقدما في أعمالها. ونتمنى أن يتم التركيز على إنجاح المؤتمر كونه يناقش القضية الجنوبية، وقضية صعدة، والاتفاق على بعض المبادئ التي على أساسها ستتم صياغة الدستور الجديد ونظام الدولة. إلى أي مدى تتوقعون نجاح مؤتمر الحوار الوطني في ظل تصاعد أعمال العنف ومحاولات الاغتيال؟ أنا أقول وبشكل مستمر العملية السياسية فعلا تقدمت رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها والمتمثلة في ظاهرة الإرهاب. وقد استطاعت الحكومة بقيادة الرئيس هادي استعادة المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم القاعدة. مع أن العمليات الإرهابية لاتزال مستمرة. وهذا الأمر يتطلب خطة شاملة لمواجهة الإرهاب تشمل مختلف الجوانب العسكرية والأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. إضافة إلى تعبئة كاملة لجميع المكونات السياسية لنبذ ظاهرة العنف والتطرف والإرهاب. ما الدور الذي تضطلع به الأممالمتحدة إزاء تصاعد مثل هذه الأعمال التي تهدف إلى تقويض التسوية السياسية؟ اعترف مجلس الأمن الدولي في قراره الأخير رقم 2051 أن هناك تحديات تواجه العملية السياسية في اليمن. ولذلك اضطر إلى استعمال البند 41 من ميثاق الأممالمتحدة الذي يفرض عقوبات على من يعرقل عملية انتقال السلطة. ورسالته بمثابة تضامن مع حكومة الوفاق الوطني، ودعم جهود الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهي واضحة لجميع من يريد أن يقوض العملية السياسي. ومفادها أن مجلس الأمن سيتخذ إجراءات ضرورية. هل حددتم الجهة التي تحاول عرقلة تنفيذ المبادرة الخليجية من خلال إثارة الفوضى والعنف والإرهاب والاعتداء على مؤسسات الدولة بما فيها وزارتا الداخلية والدفاع؟ هذا نقاش داخلي في الأممالمتحدة، لكن ما يمكن أن أوكد عليه هو أن هناك إجماعا في مجلس الأمن على عكس ما هو حاصل تجاه عدد من القضايا مثل أزمة سورية. فالقضية اليمنية عليها إجماع ويتحدث الجميع بصوت واحد وتوافق تام واتفقوا بسهولة على القرار2051 والبنود المتعلقة بذلك. ولن يتردد مجلس الأمن عند الضرورة في اتخاذ الإجراءات الضرورية. ما نوع هذه الإجراءات الضرورية ؟ أي نوع من العقوبات يرى مجلس الأمن الدولي ضرورة لفرضها، ما عدا الجانب العسكري. هل تتوقعون فرض عقوبات بعد تقديمكم لتقريركم إلى مجلس الأمن في الثامن عشر من سبتمبر الحالي؟ سأقدم تقريري للمجلس في هذا التاريخ، وستكون الكرة في ملعب الدول الأعضاء لاتخاذ الإجراءات الملائمة. هل تهدف زيارتكم الحالية لليمن إلى تقصي الحقائق، ومعرفة الجهة التي تقف وراء الاعتداءات على مؤسسات عسكرية وأمنية وتنموية وفرض عقوبات عليها؟ حقيقة الهدف من زيارتي هو التحضير لاجتماع مجلس الأمن في الثامن عشر من الشهر الحالي. لأن قرار مجلس الأمن طلب من الأممالمتحدة تقديم تقرير كل 60 يوما بعد أن كنا نقدم تقريرا كل شهر. فالهدف الأول من الزيارة هو تقييم الوضع السياسي، ومدى الالتزام بالآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الأمن. والهدف الثاني هو تقديم الدعم الفني والتقني والسياسي لعملية التحضير لمؤتمر الحوار الوطني. فنحن في الأممالمتحدة نعتبر أن إنجاح الحوار الوطني أهمية بالغة كونه سيتطرق إلى قضايا شائكة عديدة منها القضية الجنوبية، ونظام الحكم، وشكل الدولة والمصالحة الوطنية.وإذا تم الاتفاق عليها ستتقدم العملية السياسية في اليمن بشكل كبير، وتنجح هذه التجربة. تتردد أنباء عن تحديد المملكة مكانا لإجراء الحوار الوطني اليمني، ما مدى مصداقية هذه الأنباء؟ حسب لقاءاتي واجتماعات اللجنة التحضيرية التي حضرتها أستطيع القول إنه لم يتخذ بعد قرار في هذا الشأن. ألا ترى أن الوضع الأمني الراهن في اليمن قد يؤثر على نجاح الحوار الوطني ؟ يتركز النقاش حاليا على حجم مؤتمر الحوار الوطني، والمجموعات المشاركة فيه وكيفية ضمان تمثيل جميع مكونات المجتمع اليمني. إضافة إلى قضايا تتعلق بضوابط المؤتمر، وعدد من القضايا الإجرائية الأخرى فموضوع المكان لم يحدد بعد. هل تم تحديد الجهات التي ستشارك في الحوار الوطني؟ الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، والقرار الرئاسي الذي تم بموجبه تشكيل لجنة الإعداد والتحضير يحددان الأطراف التي ستشارك في المؤتمر وهي: حزب المؤتمر الشعبي العام وشركاؤه، أحزاب اللقاء المشترك وحلفاؤها، الحراك الجنوبي، الحوثيون، حركة الشباب، المجتمع المدني، القطاع النسوي وأحزاب وفعاليات أخرى. هناك جهات حزبية وقبلية وشبابية تطالبكم بالتدخل لإنهاء حالة التجاهل لدورها في وضع الأسس المستقبلية لليمن، فما ردكم؟ فعلا هناك منافسة للتمثيل في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني. وستكون هناك منافسة للتمثيل في المؤتمر، لكن اللائحة التي تم الإعلان عنها في اللجنة الفنية تقضي بأن يكون هناك توازن وتواجد للشباب والمجتمع المدني والنساء وتمثيل وأداء جيد . لكن الحراك الجنوبي يرفض المشاركة في الحوار الوطني . ؟ لا يمكن القول إن الحراك الجنوبي يرفض المشاركة في الحوار الوطني. فهو ليس منظمة، بل حركة وتيارات وقيادات مختلفة. البعض وافق في حين أعلنت أطراف أخرى أنها لن تلتحق بمؤتمر الحوار الوطني. وهناك أطراف لها إشكالات وشروط وهناك اتصالات والنقاش مستمر معها. وفي اللجنة التحضرية هناك ممثلون لأطراف في الحراك. تقصد أن الاتصال متواصل مع القيادات الجنوبية في الخارج أمثال علي سالم البيض والعطاس؟ في جنوب اليمن تنوع سياسي. وهناك حركات وأحزاب ومنظمات مختلفة. ومن الطبيعي أن تكون هناك أراء متباينة حول الحوار الوطني. لكن نؤكد أن هناك فعاليات كثيرة اتفقت على الدخول في الحوار الوطني الشامل، وأطراف أخرى لم تعلن بعد عن التحاقها بالحوار الوطني. ما أعنيه هل تم اتصال من جانبكم مع نائب الرئيس السابق علي سالم البيض لإقناعه بالعودة لليمن؟ هذا غير صحيح، فليست هناك أي اتصالات في المدة الأخيرة، لكن لدينا اتصالات مع أطراف كثيرة في الحراك الجنوبي، وهناك آراء تعبر عن آراء الحراك داخل اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني. ما هي نتائج لقاءاتكم مع الرئيس اليمني والقيادات الحزبية ؟ الهدف من اللقاءات التي تمت هو تقييم الوضع السياسي، وتحديد إلى أي مدى تم تنفيذ الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، وسبل تقديم الدعم اللازم لإنجاح العملية السياسية، ومؤتمر الحوار الوطني على وجه الخصوص. ولدي فريق من الخبراء يعملون إلى جانب أعضاء اللجنة الفنية للاستفادة من تجارب دولية أخرى، وتقديم المشورة كلما كانت هناك ضرورة. أخيرا .. كيف تنظرون إلى مستقبل اليمن؟ يجب ألا ننسى أن اللغة التي كانت سائدة أيام الأزمة هي لغة البنادق والرشاشات والمدافع، واتسعت دائرة العنف، وكانت اليمن على حافة الدخول في حرب أهلية شاملة، ودخلت الأطراف في حوار في شهر نوفمبر 2011م، ولعبنا دور الميسر بين الأطراف اليمنية التي اتفقت على الآلية التنفيذية التي تمثل خارطة طريق للخروج من الأزمة، وتقود إلى إجراء الانتخابات العامة في فبراير 2014م. وما يمكن أن أقوله هو إنه رغم التحديات والعراقيل والنواقص تقدمت عملية انتقال السلطة، ونجح اليمنيون في قطع أشواط كبيرة نحو تحقيق أهدافهم.