ترى لمصلحة من ما نراه من تعمد بعض الصحف لدينا إثارة الجلبة والضجيج حول بعض القضايا في المجتمع أو في المؤسسات الحكومية حيث غالبا تلتقط الصحف معلوماتها من أفواه الناس وما يقوله مروجو الإشاعات فتبني عليه وتضخمه وتنشر عنه أخبارا في صفحاتها الأولى مؤطرة بعناوين تثير غضب العامة وتوغر صدورهم؟. إني لست في حاجة لأن أقول إن الصحف بهذا السلوك تبدو غير مبالية بما قد ينتج عن فعلها هذا من إثارة للفتنة وإحداث الفوضى بما يعارض تحقيق المصلحة العامة. قد تظن تلك الصحف أنها تقدم خدمة للجمهور حين تعرض شكاواه وتظلمه على صفحاتها فالصحافة هي صوت الناس وهي المرآة التي تعكس همومهم وتشاركهم اهتماماتهم، وهذا كله صحيح ولكن من قال إن إيصال صوت الجماهير أو إعلان شكواها أو إبلاغ تظلمها لا يتحقق إلا بتحريض الناس وإثارة الفتنة بينهم؟. ولأنه من المسلم به أن ليس كل من اشتكى محقا في شكواه؟، ولا كل من ادعى صادقا في دعواه؟، فإن الحق يقتضي من الصحف أن لا تبني عناوينها وأخبارها على الإشاعات أو ما يردده الشاكون مما يجعلها أحيانا تنشر اليوم ما تضطر إلى تكذيبه غدا فتصير إلى صحف (التابلويد) أقرب منها إلى الصحافة الرصينة، فالصحف الرزينة تهمها سمعتها وما يدون على صفحاتها من أخبار لذلك هي لا تعتمد فيما تنشره على ما يدور على ألسنة البعض وإنما تجهد نفسها لتتقصى الحقائق وتصل إلى المصادر الموثوقة التي يمكنها الاعتماد عليها. يوم الثلاثاء الماضي نشرت إحدى صحفنا المحلية على صفحتها الأولى خبرا مفاده أن مائة معلمة سعودية وجدن أنفسهن بدون عمل بعد إقدام المسؤولين في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن على استبدال أجنبيات بهن، وفي الصفحة (12) وضعت الصحيفة عنوانا آخر ضخما حول فصل المعلمات نصه: (جامعة نورة تستغني عن 100 معلمة سعودية، والبديل أجنبيات)، هكذا !!. إن أي قارىء لمثل هذا العنوان لا يلبث أن يستشعر الغضب في صدره، كيف للجامعة أن تستغني عن المواطنات لتستبدل الأجنبيات بهن؟!، إنه عنوان تحريضي همه الإثارة والبلبلة وليس تحقيق العدالة. ولو أن الصحيفة أنصفت لما كتبت ما كتبت قبل أن تتأكد من صدق ما قيل، فأولئك المستغنى عن خدماتهن تبين أنهن لا يعملن مع الجامعة، هن يعملن بعقود مع مؤسسة تقدم خدماتها للجامعة، وحين تقرر تلك المؤسسة الاستغناء عن جميع العاملات لديها أو بعضهن فإن ذلك أمر لايخص الجامعة ولا شأن لها به. فالمشكلة قائمة بين المؤسسة والمعلمات وكان بإمكانهن التقدم إلى القضاء لإنصافهن إن كن يرين أنهن قد ظلمن. إن إبراز جامعة نورة بصورة اللامبالية بمصلحة المواطنات أو المنحازة إلى الأجنبيات، هو مما يفقد الثقة في الجامعة ويعرقل نهضتها وتقدمها، ولا أظن ذلك في مصلحة أحد !. فاكس: 4555382-1