لا يهدأ العراق.. فما أن يأفل شبح الإرهاب والتفجيرات والمفخخة في الأسواق والساحات. حتى يظهر شبح الاغتيالات. وما من جدوى من كل الخطط الأمنية التي شرحت بغداد حيا حيا، وشارعا شارعا، فالفراغ الأمني حاضر بكل معنى الكلمة. لقد عكست محاولة اغتيال رئيس هيئة افتاء أهل السنة والجماعة في العراق الشيخ مهدي الصميدعي بعد مغادرته مسجدا في حي اليرموك غرب بغداد، حجم الأخطار المحدقة في العراق، رغم خروج القوات الأمريكية من هذا البلد قبل نحو عام ونصف العام. ولعل هذا يبرر للكثير من السياسيين العراقيين الذين يتخذون من دول الجوار مقرا لهم عدم وجودهم في بلادهم، إذ أن حكومة المالكي المنشغلة بالهيمنة والسيطرة على الحياة السياسية، والإقصاء الطائفي لم تعد قادرة على حماية رجال الدين ولا رجال السياسة. إن تركز سلطات وزارة الدفاع، والداخلية، والأمن الوطني العراقي بيد المالكي لم يمكنه من بسط السيطرة الأمنية على البلاد. فالعنف مازال مستشريا في الساحة العراقية والاغتيالات تطل برأسها الأسود بين الفينة والأخرى، والمالكي في منطقته الخضراء يراقب العنف.. لا يمنعه ولا يواجهه.. ويتنقل في المدن العراقية تارة بصورة طائفية وتارة أخرى بصورة سياسية. لا يمكن أن يحكم العراق إلا بالتوافق، ولا يمكن القضاء على الإرهاب إلا بالعمل الوطني المشترك واستراتيجية وطنية غير مرتبطة بأجندات خارجية، لكن نصف العراق على خلاف مع سياسة المالكي الأحادية الرأي، ولم تكن معركة حجب الثقة عن المالكي منذ شهرين إلا صورة من صور التفتت العراقي السياسي. حتى التوتر بين إقليم كردستان العراق وحكومة بغداد المركزية اندلع نتيجة التخبط الأمني والسياسي في البلاد. إن عودة الاغتيالات الدينية والسياسية إلى بغداد أمر لا يطمئن سواء على المستوى الداخلي العراقي، أو الإقليمي، فبدل أن تنشغل حكومة المالكي في تداعيات الصراعات الإقليمية. الأفضل العمل من أجل الأمن والاستقرار. فالعراق مازال جريجا يحتاج من يداويه.