مسجد قباء من المواقع التاريخية الإسلامية في المدينةالمنورة، هو أول مسجد أسس على التقوى، وأول مسجد بني في الإسلام. وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) أول من وضع حجرا في قبلته، فكان يأتي بالحجر قد صهره إلى بطنه، فيضعه فيأتي الرجل يريد أن يقله فلا يستطيع حتى يأمره أن يدعه، ويأخذ غيره، ثم جاء أبو بكر بحجر فوضعه، ثم جاء عمر بحجر فوضعه إلى حجر أبي بكر. ويقع هذا المسجد في الجنوب الغربي للمدينة المنورة، ويبعد مسجد قباء عن المسجد النبوي حوالي 4 كيلو مترات، وله محراب ومنارة، ومنبر رخامي، وفيه بئر تنسب لأبي أيوب الأنصاري، وفيه مصلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان فيه مبرك الناقة. ويعود تاريخ إنشاء المسجد لما سمع المسلمون بالمدينةالمنورة بخروج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من مكةالمكرمة، فكانوا يخرجون كل يوم إلى الحرة أول النهار، فينتظرونه فما يردهم إلا حر الشمس. ولما وصل الرسول قرية قباء في شهر ربيع الأول نزل في بني عمرو بن عوف بقباء على كلثوم بن الهدم وكان له مربد، فأخذه منه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأسس مسجد قباء، وهو أول مسجد أسس على التقوى، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ينقل بنفسه الحجر والصخر والتراب مع صحابته، وفي قبالة هذا المسجد قام المنافقون ببناء مسجد آخر، ودعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليصلي فيه، فنزل جبريل (عليه السلام) يحذر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم ومن كيدهم، ويقرأ عليه هذه الآيات: لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى». وعبر القرآن عنه بأنه مسجد ضرار، فأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بهدمه وإحراقه. اهتم المسلمون بمسجد قباء خلال العصور الماضية فجدده عثمان بن عفان، ثم عمر بن عبدالعزيز الذي بالغ في تنميقه وجعل له رحبة وأروقة، ومئذنة وهي أول مئذنة تقام فيه، وفي سنة 435ه جدده أبو يعلى الحسيني، وفي سنة 555ه جدده جمال الدين الأصفهاني، وقد جدد مسجد قباء مرات عديدة، وسقطت منارته سنة 877 ه، فجددها السلطان قايتباي سنة 881ه مع عمارة المسجد النبوي. كما ذكر أن السلطان محمود خان العثماني جدده سنة 1240ه، وفي عهد الدولة العثمانية جدد عدة مرات آخرها في زمن السلطان عبد المجيد. وفي العهد السعودي الزاهر لقي مسجد قباء عناية كبيرة فرمم وجددت جدرانه الخارجية، وزيد فيه من الجهة الشمالية سنة 1388ه. وفي عام 1405ه أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (يرحمه الله) بإعادة بنائه ومضاعفة مساحته عدة أضعاف مع المحافظة على معالمه التراثية بدقة، فهدم المبنى القديم وضمت قطع من الأراضي المجاورة من جهاته الأربع إلى المبنى الجديد، وامتدت التوسعة وأعيد بناؤه بالتصميم القديم نفسه، ولكن جعلت له أربع مآذن عوضا عن مئذنته الوحيدة القديمة.