لعل البقعة الوحيدة في العالم التي يحلم بأن يدفن فيها كل مسلم هي منطقة بقيع الغرقد في المدينةالمنورة المجاورة للمسجد النبوي الشريف والتي تضم بين رفاتها عشرة آلاف صحابي بالإضافة أمهات المؤمنين من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم والبقيع. وكان البقيع خارج المدينة تحيط به المزارع من كل الاتجاهات وكما تقول كتب التاريخ كان بظاهر المدينةالمنورة وأطلق عليه مسمى بقيع الغرقد لوجود شجر الغرقد وكبار أشجار العوسج فانقرض الشجر وبقي اسمه وأول من دفن به من الصحابة من المهاجرين هو عثمان بن مضعون. ويذكر الدكتور حاتم طه وكيل أمانة المدينةالمنورة للتعمير والمشاريع الخبير في مجال تاريخ المدينةالمنورة أن البقيع كان عبارة عن أرض فضاء محاطه بأشجار (الغرقد) والبقيع الكبير وبقيع العمات بينهما طرق تصل مساحتها إلى مائة وخمسين مترا طولا ومائة متر عرضا. فيما أشار الدكتور غازي المطيري أستاذ كرسي الأمير نايف لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة إلى أن القبور التي بداخل هذا المكان المبارك لا يعرف عنها إلا القليل إلا أن المعروف من خلال الكتب التاريخية أنه يحتوي على قبور عشرة آلاف صحابي بالإضافة إلى أمهات المؤمنين، مضيفا أن الروايات أجمعت على ضرورة زيارة البقيع تأسيا بالرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان يزور هذا المكان الطاهر ويخرج له ليلا ونهارا ويدعو لمن به ويستغفر لهم لذلك شرع لمن يصل إلى المدينةالمنورة أن يأتيه ويزوره ويسلم على من به كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال (أمرت أن أدعو لهم) وأضاف أن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام لم يتخذ أي نوع من البناء على هذه القبور بل جاءت أحاديثه عليه أفضل الصلاة والسلام تنهى عن اتخاذ القبور والبناء عليها أو تجصيصها وفي حقبة زمنية بني بناء الأضرحة والقباب على بعض القبور خاصة قبور آل البيت أسوة بما حدث في مصر وبعض البلدان الإسلامية إلا أنه في العهد السعودي الزاهر أزيل هذا كله وسويت بالأرض اتباعا لسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام. الباحث التاريخي الدكتور تنيضب الفايدي قال إن هناك الكثير من الأحاديث الصحيحة التي تتحدث عن فضل من يدفن في هذه البقعة المباركة ومنها قول عبدالله بن عمر أن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام (من استطاع منكم أن يموت في المدينة فليمت بها فإني أشفع لمن يموت فيها) لذلك يحرص الكثير وخاصة من أهالي المدينة أن يدفن في هذه البقعة الطاهرة والمباركة والتي تضم بين جنباتها صحابته عليه أفضل الصلاة والسلام وعماته وزوجاته رضوان الله عليهم. من جهته قال الدكتور سليمان الرحيلي عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة أن أهل بقيع الغرقد هم أول من يحشر من مقابر الأرض بعد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، مضيفا أن الله يبعث من أهل بقيع الغرقد سبعين ألفا وجوهم كالقمر ليلة البدر يدخلون الجنة بلا حساب. ويحظى بقيع الغرقد باهتمام أمانة المدينةالمنورة كونها الجهة المشرفة على نظافته والاهتمام به وذلك من خلال وكالة الخدمات والتي خصت إدارة التجهيز التي ألحقت بجواره وتهتم بكل أموره مثل آلية تجهيز الميت ودفنه ونظافته والإشراف عليه بشكل مباشر.