سوق اليمن، أو سوق اليمنة، كما يسمونه، بسيط في كل شيء وكل أجزائه تحاكي الماضي الجميل، ذاع صيته منذ عقود، ولازال يجذب المئات من الزبائن، إلا أنه وفي شهر رمضان المبارك يزداد الاقبال عليه أكثر، حيث تباع فيه السلع التراثية التي كانت تستخدم في الزمن الماضي بعضها انتهى استعماله وبعضها مازال يقاوم التطور بأصالته، مثلها مثل سوق اليمنه، وأميز ما يميز السوق المأكولات الشعبية التي يتنادى إليها الكثير من الرواد، حتى الذين يزورون جدة من المناطق البعيدة لا يغادرون جدة إلا ويزورن السوق ليأخذون أو يتناول أكلاته الشعبية .. «عكاظ» تجولت بالسوق ورصدت آراء البائعين والمرتادين. سلع التراث بداية تحدث إلينا عبد ربه محمود، بائع لبعض السلع التراثية القديمة، يقول إنه يبيع الكثير من السلع القديمة المصنوعة من الخزف، أو ما يعرف بالطفي، وهو يتكون من سعف النخل، حيث كان يصنع منه الكثير من الأدوات المنزلية كالمفارش التي كانت بمثابة سفرة الطعام حاليا، والتي لا تختلف عنها في تأدية الغرض، إلا أنها أوفر ماديا، حيث يمكن تنظيفها من الطعام بعد كل وجبة دون رميها، وقال إنه من السلع التراثية التي يبيعها أدوات الفخار و«المغشات» وهي عبارة عن إناء يستخدم لعمل الطعام، وهو مصنوع من الفخار ويحفظ الأكل المطبوخ عليه، وتسمى الإيدام المطبوخة فيه داخل التنور أو ما يعرف بالميفا مغش، واضاف، كذلك من السلع القديمة الجرار وهي شبيهة بحافظة الماء في الوقت الحالي، تصنع من الفخار أيضا، ويوضع فيها ماء الشرب، حيث تتميز الجرار ومفردها جرة بجعل الماء باردا يروي العطشان ، حيث تعمل على تخفيض درجة حرارة الماء بعد وضعه فيها وكانت تستخدم قديما قبل الكهرباء وقبل الثلاجات، كذلك من السلع القديمة القدح وهو عبارة عن إناء يستخدم لشرب الماء قديما وهو مصنوع من الخشب وينحت ويطلى بالقار، أو مايعرف شعبيا بالشوب، ثم يغسل بعد أن يجف ويشرب فيه. للأكلات الشعبية روادها وفي جولتنا بالسوق التقينا أحمد قاسم ، أحد باعة الأطعمة الشعبية في السوق، مبينا أنه الأطعمة الشعبية التي يبيعها لازال لديها رواد يأتونها يوميا ومن مسافات بعيدة كما أن حتى الذين يزورون جدة من مناطق المملكة المختلفة، لا يغادرون جدة إلى ويزورونه ليأكلوا أو يأخذوا من أطعمته، وأضاف، «أبيع بعض المأكولات الشعبية كالخمير والدخن والبر واللحوح مبينا بأنها أكلات مفضلة لدى الكثيرين خاصة من كبار السن، ولا أخفيك بأنني لدي زبائن من الشباب يطلبونها مشيرا إلى أنها أطعمة طبيعية ومغذية ومفيدة وخالية من الحافظات والصبغات التي تلازم أغلب الأطعمة في الوقت الحاضر، وتوضع في التنور أو ما يعرف بالميفا بلغة أهل الحجاز واليمن، لتنضج. المرسة والحنيذ أما أم عبده فهي بائعة للحم الحنيذ وتقول بأنها تطهي اللحم على الطريقة القديمة، وذلك بوضع اللحم على المرخ وهو نوع من الشجر، يستخدم قديما لجعل اللحم حنيذا، مبينة أن تلك الطريقة تلتزم بها الكثير من المطاعم الحالية رغم استخدامها أدوات حديثة. ويقول علي اسماعيل، العامل بأحد المطاعم الشعبية، إن مطعمهم يقدم مأكولاته لزائري السوق ومنها المرسة التي تشبه في مكوناتها كثيرا أكلة المعصوب المعروفة لدى الجميع، ومكونة من الموز والدقيق الأبيض أوالأسمر، حيث يقطع رغيف الدقيق قطعا صغيرة، تشبه عملية الفرم، ثم يهرس الموز بأداة معدنية، أو خشبية يطلق عليها شعبيا المهراس وتدمج مع بعضهما جيدا ثم يضاف لها العسل أو السمن البلدي حسب رغبة الزبون. وأشار علي، أنهم يقدمون كذلك أكلة المطفي المفضلة لدى الكثير من مرتادي السوق والتي تتكون من السمك المطبوخ مع الطماطم والبصل والثوم والحمر، كذلك أكلة الحلبة وهي عبارة عن بذور الحلبة تطحن وتطبخ مع الحمر، وكذلك من الأكلات الهريس وهي أكلة تتكون من الدقيق الأبيض والسمن والبعض يضيف عليها السكر. زيارات أسبوعية من جهته يقول المتسوق أحمد هادي القادم لقضاء العطلة الصيفية بجدة إنه عندما يأتي لجدة فإنه يفضل زيارة سوق اليمنة بشكل دائم ليتناول الأكلات الشعبية التي يحبها. وأما طلال الزهراني من سكان جدة يقول إنه يزور السوق أسبوعيا على الأقل لتناول بعض المأكولات الشعبية برفقة أصدقائه ومن الأكلات التي يفضلونها أكلة المرسة، ويشير محمد البارقي من سكان عسير، أنه يزور سوق اليمنة، لتناول الأطعمة الشعبية المفضلة لديه، ومنها السمك في التنور أو ما يعرف شعبيا بالميفا، وكذلك أكلة العصيدة بالمرق والتي تتكون من البر والحنطة ويضاف عليها السمن والمرق.