عانى العرب قبل الإسلام من الفرس والروم، فقد غزا الفرس اليمن والعراق وغزا الروم بلاد الشام، وبعد الإسلام غزا الصليبيون الشام وفلسطين، والتتار المغول غزوا العراق وبلاد الشام، وانتزع الأسبان الأندلس من أيدي العرب، واحتل العثمانيون البلاد العربية، ومن بعدهم احتلتها الدول الاستعمارية الأوروبية، واحتلت إيران الأحواز والجزر الإماراتية، وتطمع بالمزيد، واحتل اليهود الصهاينة فلسطين، واحتلت الولاياتالمتحدةالأمريكية العراق، وآخر غزو، وقد لا يكون الأخير، الغزو المشترك ضد السوريين وثورتهم من قبل التحالف غير المعلن، المكون من : إيرانوروسيا والصين وحزب الله اللبناني، وبعض الخلايا العراقية. يجمع كل هذه الأطراف دعمها الرئيس بشار الأسد ونظامه، ولو تخالفت مصالحها من وراء هذا الدعم، الذي ساعد على امتداد الصراع السوري، لكن هذه الأطراف وجدت فيه خدمة لمصالحها: الأخذ بالثأر، الطائفية، السياسية،العسكرية، الاقتصادية. فروسيا على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، صرح مرارا بموقف بلاده المتمثل حتى الآن بالرغبة في أن تتحاور المعارضة مع النظام الأسدي لتقرير مصير النظام ورئيسه بشار. ولا يخفي لافروف الرغبة في أن تسفر المفاوضات بين الأطراف السورية (إن تمت) عن حكومة وطنية لا تنحي بشار ولا يتفرد بها الإسلاميون، لكن فات لافروف تخوين الرئيس بشار للمعارضة التي لا تعترف به، فكيف يتم تفاوض؟. وتتخذ الصين موقفها الداعم لبشار أيضا بمقتضى مصالحها الخاصة بها. فلديها وروسيا حساسية من أي قرار تشارك فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، لذلك تقفان سياسيا ضد التوجه الأمريكي الأوروبي تجاه الصراع السوري أيا كان هذا التوجه، وذلك من منطلق صراع الإرادات بين الدول الكبرى. هذا العامل أو البعد الخارجي بأكمله عقد المشكلة السورية، وأعاق حتى الآن التوصل لحل يرضى به المعارضة والسوريون. واستخدام روسيا والصين في السابق حق النقض (الفيتو) على قرارات مجلس الأمن، الرامية لحمل الرئيس بشار لأن يضع حدا لسيل دم شعبه على يده، إنما أثبت كونه درع حماية لبشار الذي زاد في القتل اليومي للسوريين وفي قيام المجازر ضدهم. وروسيا تجد أهمية في توجه المعارضة وبعض الدول لها بسبب الصراع السوري. الأحرى بالدول العربية، والحال هكذا، أن تربط استمرار العلاقات الاقتصادية مع روسيا والصين كشرط بوقف دعمهما للرئيس بشار، واتخاذهما موقف لصالح المعارضة والسوريين، وإلا تواجهان بمقاطعة اقتصادية. لكن يبدو أن روسيا والصين، مع إدراكهما ضرر المقاطعة هذه، إلا أنهما يعولان على اختلاف العرب في هذا الأمر ولا يتفقوا عليه، لكن التهديد أو التلويح بالمقاطعة، على الأقل، قد يدفع روسيا والصين لاتخاذ موقف لصالح الشعب السوري والمعارضة أو الالتزام بالحياد. أما مقابل دعم إيران غير المحدد لبشار ونظامه، فلا أقل من أن تقطع الدول العربية كامل علاقاتها معها وتقطع بثها لقنواتها المشعوذة عبر «العرب والنيل سات» .. وموضوع المقاطعة للأطراف الداعمة لبشار مهم ويسير على طريق تفكيك تحالف الشر غير المعلن ضد الشعب السوري.. والله أعلم.