يعني لفظ عكاظ في اللغة العربية التجمع للنظر والتفاخر، إذ ورد في المعاجم العربية أنه يقال: عكظ خصمه باللدد والحجج، يعكظه عكظا: إذا عركه وقهره، وعكظ دابته: حبسها، وتعكظ القوم إذا تحبسوا لينظروا في أمورهم، ومنه سميت سوق عكاظ، على المعنى الثاني. وكان العرب يقصدون أول الأمر سوق عكاظ وعلى وجوههم البراقع، كما ورد في تاريخ اليعقوبي وسواه، غير أن أول عربي كشف قناعه وأضرب عن ذلك كان طريف بن عمرو بن غنم العنبري، ففعلت العرب مثل فعله، ويدل ذلك إما على أن العرب على الرغم من إعلان السلام في الفترة التي كانت تجري فيها سوق عكاظ، كانوا يتهيبون أن يعرفوا بكشف وجوههم، خشية التعرض للثأر، وإما لأن التقنع كان دأبا قديما عند أوائل العرب، فذهب عن الناس معرفة علله الأولى، كالخوف من التعرض للعين كما يأتي إلى اليوم بعض ذلك أهل الطوارق في صحراء أفريقيا. بل ذكر بعض الكتاب علة ذلك ومنهم الجواليقي، وهي أن سوق عكاظ كانوا يتوافون بها من كل أوب، ولا يتوافى بها أحد إلا تبرقع وأعتم على برقعه خشية أن يؤسر فيكثر فداؤه، فكان أول عربي استفتح ذلك وكشف القناع عن وجهه، طريف بن عمرو بن تميم العنبري كما سبق، وهو يقول: أو كلما وردت عكاظ قبيلة بعثوا إلي عريفهم يتوسم ومن التقاليد العتيقة التي كانت تقوم في سوق عكاظ المصارعة بين الفتيان العرب، وقد كان عمر رضي الله عنه يصارع فتيانا في الجاهلية من لمته، كما ورد ذلك في بعض كتب التاريخ والسيرة، وإذا كان هذا الشأن خص به الإخبار عن عمر بن الخطاب فلأنه هو من هو، وليس يعني ذلك أن كل فتية سوق عكاظ كانوا لا يتصارعون. والمصارعة رياضة عربية قديمة تدل على عرامة الرجولة، وقوة البنية الجسدية. كما كانت المرأة العربية تتاجر في سوق عكاظ، وأكثر ما كانت تبيع السمن والعسل، ومنه المثل العربي الشهير «أشغل من ذات النحيين» الذي ألصقت مناسبته بسلمى بنت يعار الخثعمية، غير أننا نشك في حقيقة الشرح الذي شرح به نص هذا المثل، فهو شرح «أبيض»، ولا يستند إلى واقع التاريخ، وطبيعة المجتمع العربي. كما كانت عكاظ سوقا نافقة للاتجار في الرقيق، وهو شأن ثابت في كتب التاريخ والأخبار، وكأن سوق عكاظ كانت معرضا عظيما لكل التقاليد العربية القديمة بكل مكوناتها ومظاهرها.