أثارت حادثة إسقاط الطائرة التركية فوق المياه الإقليمية السورية كثيراً من التساؤلات ذات البعد السياسي والعسكري والاستراتيجي، فالموقف في سوريا أخذ يميل إلى صالح الثورة ، فقصف المدن بالصواريخ والطائرات والمدافع دليل على أن هذه المدن المقصوفة خرجت عن سيطرة النظام، والروس الذين وعدهم النظام باحتساء القهوة في حمص خلال أيام لم يتمكنوا من وصولها طوال شهرين. لقد وجد الروس أنفسهم في حرج أمام التاريخ ، فأخذوا يبحثون لهم عن مخرج مع المحافظة على ماء الوجه، فصدرت منهم إشارات تدل على ذلك ، كما بدأوا في شرح موقفهم لدول المنطقة لعلهم يجدون قبولاً لأعذارهم ، فقام الرئيس بوتن بزيارة استرضائية إلى إسرائيل ، فوضع على رأسه الطاقية اليهودية، ثم زار بعدها رام الله ، ورحب به الفلسطينيون. لم يجد النظام السوري مخرجاً من الأزمة بعد أن التمس كل السبل، فلم يعد أمامه إلا المغامرة المدروسة لنقلها إلى الفضاء الخارجي إلى الدول الإقليمية والعالمية ، فكانت عملية إسقاط الطائرة التي أدرجت في إطار المغامرة المدروسة ،الهدف منها، فحص التوجهات الدولية ، وطرق التفكير الاستراتيجية ، فقد تغامر تركيا وتقوم بالهجوم على سوريا فتتوحد الجبهة الداخلية ، أو تنزلق المناطق العلوية في الإسكندرونة للمواجهة مع تركيا وتتسع دائرة الصراع ، مما يعيد روسيا إلى مواقفها الصلبة في صف النظام . لقد شكلت الأزمة إحراجاً لأردوغان وامتحاناً دقيقاً لسياسته أمام المعارضة التي تعترض على مواقف الحكومة والشارع التركي الذي يرغب في رد عسكري ساحق، لكن أردوغان وضع الأزمة على طاولة الحلف الأطلسي ،مؤكداً على أن القضية لا تمثل الأمن القومي التركي وحده، بل إن تركيا تتقاسم الأدوار مع أكثر من طرف دولي، مما يتطلب التنسيق معها.